لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٠
توجّه بنفسه تلقاء مدين من غير قصد إلى مدين أو غيره، بل خرج على الفتوح «١»، وتوجّه بقلبه إلى ربّه ينتظر أن يهديه ربّه إلى النحو الذي هو خير له، فقال : عسى ربى أن يهدينى إلى أرشد سبيل لى.
قوله جل ذكره :
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٢٣ الى ٢٥]
وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَ أَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَ قَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥)
لمّا وافى مدين شعيب كان وقت الهاجرة، وكانت لهم بئر يستقون منها، فيصبون الماء فى الحياض، ويسقون أغنامهم، وكانوا أهل ماشية.
وكان شعيب النبيّ عليه السلام قد كفّ بصره لكثرة بكائه ففى القصة أنه بكى فذهب بصره، ثم ردّ اللّه عليه بصره فبكى، فردّ اللّه بصره فبكى حتى ذهب بصره، فأوحى اللّه إليه :
لم تبكى يا شعيب.. ؟ إن كان بكاؤك لخوف النار فقد أمنتك، وإن كان لأجل الجنة فقد أتحتها لك.
فقال : ربّ.. إنما أبكى شوقا إليك. فأوحى اللّه إليه لأجل ذلك أخدمتك نبيّى وكليمى عشر حجج.
وكانت لشعيب أغنام، ولم يكن لديه أجير، فكانت بنتاه تسوقان الغنم مكان الرعاة، ولم يكن لهما قدرة «٢» على استقاء الماء من البئر، وكان الرعاة يستقون، فإذا انقضوا «٣» فإن بقيت في الحوض بقية من الماء استقت بنات شعيب.

_
(١) وهكذا سفر الأكابر.
(٢) هكذا في ص وهي في م (قوة).
(٣) من الجائز أن تكون في الأصل (انفضوا) بالفاء فالسياق يحتملها بدليل قوله فيما بعد (فلما انصرف الرعاة)


الصفحة التالية
Icon