لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٠٥
وقيل : إنه طلّق حفصة طلقة واحدة، فأمره اللّه بمراجعتها، وقال له جبريل : إنها صوّامة قوّامة وقيل : لم يطلقها ولكن همّ بتطليقها فمنعه اللّه عن ذلك.
وقيل : لمّا رأته حفصة مع مارية في يومها قال لها : إنّى مسرّ إليك سرّا فلا تخبري أحدا : إنّ هذا الأمر يكون بعدي لأبى بكر ولأبيك.
ولكن حفصة ذكرت هذا لعائشة، وأوحى اللّه له بذلك، فسأل النبيّ حفصة : لم أخبرت عائشة بما قلت؟.
فقالت له : ومن أخبرك بذلك؟ قال أخبرنى اللّه، وعرّف حفصة بعض ما قالت، ولم يصرّح لها بجميع ما قالت، قال تعالى :«عَرَّفَ «١» بَعْضَهُ وَ أَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ»، فعاتبها على بعض وأعرض عن بعض - على عادة الكرام.
ويقال : إن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - لمّا نزلت هذه الآية كان كثيرا ما يقول :
«اللهم إنى أعوذ بك من كل قاطع يقطعنى عنك».
وظاهر هذا الخطاب «٢» عتاب على أنّه مراعاة لقلب امرأته حرّم على نفسه ما أحلّ اللّه له.
والإشارة فيه : وجوب تقديم حقّ اللّه - سبحانه - على كل شىء في كل وقت.
قوله جل ذكره :
[سورة التحريم (٦٦) : الآيات ٢ الى ٣]
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢) وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَ أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَ أَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣)
أنزل اللّه ذلك عناية بأمره عليه السلام، وتجاوزا عنه. وقيل : إنه كفّر بعتق رقبة، وعاود مارية.
(١) وفي قراءة «عرف» بدون التشديد : أي غضب فيه وجازى عليه، وهو كقولك لمن أساء إليك : لأعرفن لك ما فعلت أي : لأجازينّك عليه، وجازاها النبي بأن طلقها طلقة واحدة. وكان أبو عبد الرحمن السلمى يحصب بالحجارة من يقرأها مشددة.
(٢) أي «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ..»