لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٠٩
قوله جل ذكره :
[سورة التحريم (٦٦) : آية ١٠]
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَ قِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠)
لمّا سبقت لهما الفرقة يوم القسمة لم تنفعهما القربة يوم العقوبة.
قوله جل ذكره :
[سورة التحريم (٦٦) : آية ١١]
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَ نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١)
قالوا : صغرت همّتها حيث طلبت بيتا في الجنة، وكان من حقّها أن تطلب الكثير.. ولا كما توهّموا : فإنها قالت : ربّ ابن لى عندك، فطلبت جوار القربة، ولبيت في الجوار أفضل من ألف قصر في غير الجوار. ومن المعلوم أنّ العنديّة هنا عنديّة القربة والكرامة.. ولكنه على كل حال بيت له مزية على غيره، وله خصوصية. وفي معناه أنشدوا :
إنى لأحسد جاركم لجواركم طوبى لمن أضحى لدارك جارا
يا ليت جارك باعني من داره شبرا لأعطيه بشبر دارا
قوله جل ذكره :
[سورة التحريم (٦٦) : آية ١٢]
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَ صَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَ كُتُبِهِ وَ كانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (١٢)
ختم السورة بذكرها بعد ما ذكر امرأة فرعون، وهما من جملة النساء، ولمّا كثر في هذه السورة ذكر النساء أراد اللّه سبحانه ألّا يخلى السورة من ذكرها تخصيصا لقدرها «١»
(١) هكذا في ص وهي في م (لذكرها) والصواب ما أثبتنا. وجميل من القشيري أن يلفت نظرنا إلى هذا الملحظ - الذي فظن - واللّه أعلم - أن فيه تنبيها لنساء النبي بعرض نموذجين لامرأتين صالحتين عزفتا عن الدنيا.