لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦١٤
«مَنْ فِي السَّماءِ» أراد بهم الملائكة الذين يسكنون السماء، فهم موكّلون بالعذاب.
و خوّفهم بالملائكة أن ينزلوا عليهم العقوبة من السماء، أو يخسفوا بهم الأرض، وكذلك خوّفهم أن يرسلوا عليهم حجارة كما أرسلوا على قوم لوط. وبيّن أنّ من كذّب قبل هؤلاء رسلهم كيف كانت عقوبتهم، ثم زاد في البيان وقال :
«أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَ يَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ» أولم يروا كيف خلق الطيور على اختلاف أجناسها، واختصاصها بالطيران لأن لها أجنحة - بخلاف الأجسام «١» الأخر... من الذي يمسكهن ويحفظهن وهن يقبضن ويبسطن أجنحتهن فى الفضاء؟ وما الذي يوجبه العقل حفظ هذه الطيور أم بقية الأجسام الأخر؟.
«أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ» إن أراد الرحمن بك سوءا.. فمن الذي يوسّع عليكم ما قبضه، أو يمحو ما أثبته، أو يقدّم ما أخّره، أو يؤخّر ما قدّمه؟.
قوله جل ذكره :
[سورة الملك (٦٧) : الآيات ٢٢ الى ٣٠]
أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٢٣) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَ إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦)
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧) قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَ مَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (٣٠)
(١) هكذا في م وهي في ص (الأصنام) والصواب ما أثبتناه، لأن المقصود المقارنة بين الطيور وغيرها من (الأجسام) بصفة عامة. [.....]