لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٢٢
قوله جل ذكره :
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٤٤ الى ٤٧]
فَذَرْنِي وَ مَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَ أُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧)
سنقرّبهم من العقوبة بحيث لا يشعرون.
و الاستدراج : أن يريد الشيء ويطوى عن صاحبه وجه القصد فيه، ويدرجه إليه شيئا بعد شى ء، حتى يأخذه بغتة.
ويقال : الاستدراج : التمكين من النّعم مقرونا بنسيان الشكر «١».
ويقال : الاستدراج : أنهم كلما ازدادوا معصية زادهم نعمة.
ويقال : ألّا يعاقبه في حال الزّلّة، وإنما يؤخّر العقوبة إلى ما بعدها.
ويقال : هو الاشتغال بالنعمة مع نسيان المنعم.
ويقال : الاغترار بطول الإمهال.
ويقال : ظاهر مغبوط وباطن مشوّش.
قوله جل ذكره :«وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ» أمهلهم.. ثم إذا أخذتهم فأخذى أليم شديد.
قوله جل ذكره :«أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ» أي : ليس عليهم كلفة مقابل ما تدعوهم إليه، وليست عليهم غرامة إن هم اتبعوك.. فأنت لا تسأل أجرا.. فما موجبات التأخّر وترك الاستجابة؟
«أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ؟» أَمْ عِنْدَهُمُ شىء من الغيب انفردوا به وأوجب لهم أن لا يستجيبوا؟».
(١) فى النسختين (بلسان) وهي خطأ قطعا، فقد اشتهت على كلا الناسخين. ويؤيد رأينا قول سفيان الثوري فى «سَنَسْتَدْرِجُهُمْ» نسبغ عليهم النعم وننسيهم الشكر (القرطبي ح ١٨ ص ٢٥١).