لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٢٧
لا تنكرن جحدى هواك فإنما ذاك الجحود عليك ستر مسبل
قوله جل ذكره :
[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ٣٨ الى ٤٦]
فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَ ما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَ لا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢)
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦)
«لا» : صلة والمعنى : أقسم كأنه قال : أقسم بجميع الأشياء، لأنه لا ثالث لما يبصرون وما لا يبصرون. وجواب القسم :
«إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ» أي وجيه عند اللّه. وقول الرسول الكريم هو القرآن أو قراءة القرآن.
وما هو بقول شاعر ولا بقول كاهن أي أن محمدا ليس شاعرا ولا كاهنا بل هو :
«تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ».
قوله جل ذكره :«وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ» أي لو كان محمد يكذب علينا لمنعناه منه وعصمناه عنه، ولو تعمّد لعذّبناه. والقول بعصمة الأنبياء واجب. ثم كان لا ناصر له منكم ولا من غيركم، وهذا القرآن :
[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ٤٨ الى ٥١]
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَ إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١)
حقّ اليقين هو اليقين فالإضافة هكذا إلى نفس الشيء «١».
وعلوم الناس تختلف في الطرق إلى اليقين خفاء وجلاء فما يقال عن الفرق بين علم اليقين وعين اليقين وحقّ اليقين يرجع إلى كثرة البراهين، وخفاء الطريق وجلائه، ثم إلى كون بعضه ضروريا وإلى بعضه كسبيا، ثم ما يكون مع الإدراكات «٢».

_
(١) لو كان اليقين نعتا لم يجز أن يضاف إليه كما لا تقول : هذا ورد الأحمر، فالإضافة هنا - كما يرى القشيري - إلى الشيء نفسه. فإن القرآن حق يقين ويقين حقّ.
(٢) انظر محاولة القشيري التفرقة بين معانيها في رسالته ص ٤٧.


الصفحة التالية
Icon