لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٣٥
يغفر لكم «مِنْ» ذنوبكم : من هنا للجنس لا للتبعيض كقوله تعالى :
«فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ».
ويقال : ما عملوه دون ما هو معلوم أنهم سيفعلونه لأنه لو أخبرهم بأنه غفر لهم ذلك كان إغراء لهم.. وذلك لا يجوز. فأبوا أن يقبلوا منه، فقال :
«قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَ نَهاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً» بيّن أنّ الهداية ليست إليه، وقال : إن أردت إيمانهم فقلوبهم بقدرتك - سبحانك.
قوله جل ذكره :«وَأَصَرُّوا وَ اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً» وإنّى ما ازددت لهم دعاء إلا ازدادوا إصرارا واستكبارا.
ويقال : لمّا دام بينهم إصرارهم تولّد من الإصرار استكبارهم، قال تعالى :
«فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ» «١» قوله جل ذكره :
[سورة نوح (٧١) : الآيات ٨ الى ١١]
ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَ أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (٩) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١)
(١) آية ١٦ سورة الحديد.