لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٥٨
«باسِرَةٌ» : أي كالحة عابسة. «فاقِرَةٌ» أي : داهية «١» وهي بقاؤهم في النار على التأييد.
(تظن أن يخلق في وجوههم النظر) «٢».
ويحتمل أن يكون معنى «تَظُنُّ» : أي يخلق ظنّا في قلوبهم يظهر أثره على وجوههم.
«كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَ قِيلَ مَنْ راقٍ وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ» أي ليس الأمر على ما يظنون بل إذا بلغت نفوسهم التراقيّ «٣»، وقيل : من راق؟
أي يقول من حوله : هل أحد يرقيه؟ هل طبيب يداويه؟ هل دواء يشفيه؟ «٤».
ويقال : من حوله من الملائكة يقولون : من الذي يرقى بروحه أ ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب؟.
«وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ» : وعلم الميت أنه الموت!.
«وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ» : ساقا الميت. فتقترن شدّة آخر الدنيا بشدّة أوّل الآخرة.
«إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ» أي الملائكة يسوقون روحه إلى اللّه حيث يأمرهم بأن يحملوها إليه : إمّا إلى عليين ثم لها تفاوت درجات، وإمّا إلى سجّين - ولها تفاوت دركات.
ويقال : الناس يكفّنون بدن الميت ويغسلونه ويصلّون عليه.. والحقّ سبحانه يلبس روحه ما تستحق من الحلل، ويغسله بماء الرحمة، ويصلى عليه وملائكته.
قوله جل ذكره :
[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ٣١ الى ٣٦]
فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى (٣١) وَ لكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى (٣٢) ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٥)
أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٣٦)
(١) الفاقرة لها معان كثيرة منها : الداهية، والأمر العظيم، والشر، والهلاك، ودخول النار. وهي فى الأصل : الوسم على أنف البعير بحديدة أو نار حتى يخلص إلى العظم.
(٢) العبارة هكذا في م أما في ص فهى (... الظن) بدلا من (النظر)، ويمكن قبول عبارة م على أساس ن (النظر) أمر عظيم - وهو أحد معانى (الفاقرة) كما قلنا.. ولكننا نرجح - واللّه أعلم - أن العبارة ربما كانت فى الأصل على هذا النحو :[تظن :(أي) يخلق في وجوههم (الظن)] فحتى هذا الظن مخلوق في وجوههم من قبل اللّه..
وربما يتأيد ما ذهبنا إليه بما جاء بعدها مباشرة.
(٣) جمع (ترقوة) : العظام التي تكتنف مقدم الحلق من أعلى الصدر، وهي موضع الحشرجة. [.....]
٤) معروف ألا رقية ولا دواء للموت | ولكنهم يتساءلون هكذا على وجه التحير عند الإشفاء على الموت. |