لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٦٢
النّوب، ومنهم من يسقى بالنّجب ومنهم من يسقى وحده ولا يسقى مما يسقى غيره، ومنهم من يسقى هو والقوم شرابا واحدا.. وقالوا :
إن كنت من ندماى فبالأكبر اسقني ولا تسقنى بالأصغر المتثلم
و فائدة الشراب - اليوم - أن يشغلهم عن كل شىء فيريحهم عن الإحساس، ويأخذهم عن قضايا العقل.. كذلك قضايا الشراب في الآخرة، فيها زوال الأرب، وسقوط الطلب، ودوام الطّرب، وذهاب الحرب، والغفلة عن كلّ سبب.
ولقد قالوا :
عاقر عقارك واصطبح واقدح سرورك بالقدح
و اخلع عذارك في الهوى وأرح عذولك واسترح
و افرح بوقتك إنما عمر الفتى وقت الفرح
قوله جل ذكره :
[سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ٦ الى ١٠]
عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً (٨) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً (٩) إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠)
يشقّقونها تشقيقا، ومعناه أن تلك العيون تجرى في منازلهم وقصورهم على ما يريدون.
واليوم - لهم عيون في أسرارهم من عين المحبة، وعين الصفاء، وعين الوفاء، وعين البسط، وعين الروح.. وغير ذلك، وغدا لهم عيون.
«يُوفُونَ بِالنَّذْرِ» ثم ذكر أحوالهم في الدنيا فقال : يوفون بالعهد القديم الذي بينهم وبين اللّه على وجه مخصوص.


الصفحة التالية
Icon