لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٧٣
أي : جبالا مرتفعات، وجعلنا بها الماء سقيا لكم. يذكّرهم عظيم منّته بذلك عليهم.
والإشارة فيه إلى عظيم منّته أنّه لم يخسف بكم الأرض - وإن عملتم ما عملتم.
«انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ» يقال لهم : انطلقوا إلى النار التي كذّبتم بها.
«انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ لا ظَلِيلٍ وَ لا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ» كذلك إذا لم يعرف العبد قدر انفتاح طريقه إلى اللّه بقلبه، وتعزّزه بتوكله.. فإذا رجع إلى الخلق عند استيلاء الغفلة نزع اللّه عن قلبه الرحمة، وانسدّت عليه طرق رشده، فيتردد من هذا إلى هذا إلى هذا.
ويقال لهم : انطلقوا إلى ما كنتم به تكذّبون. والاستقلال باللّه جنّة المأوى، والرجوع إلى الخلق قرع باب جهنم... وفي معناه أنشدوا :
و لم أر قبلى من يفارق جنّة ويقرع بالتطفيل باب جهنم
ثم يقال لهم إذا أخذوا في التنصّل والاعتذار :
[سورة المرسلات (٧٧) : الآيات ٣٥ الى ٣٨]
هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَ الْأَوَّلِينَ (٣٨)
فإلى أن تنتهى مدّة العقوبة فحينئذ : ان استأنفت وقتا استؤنف لك وقت. فأمّا الآن...
فصبرا حتى تنقضى أيام العقاب.
«هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَ الْأَوَّلِينَ» فعلنا بكم ما فعلنا بهم في الدنيا من الخذلان، كذلك اليوم سنفعل بكم ما نفعل بهم من دخول النيران قوله جل ذكره :
[سورة المرسلات (٧٧) : الآيات ٤١ الى ٤٨]
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَ عُيُونٍ (٤١) وَ فَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥)
كُلُوا وَ تَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨)