لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٩٠
و يقال : لم يقض اللّه له ما أمره به، ولو قضى عليه وله ما أمره به لما عصاه «١».
قوله جل ذكره :
[سورة عبس (٨٠) : الآيات ٢٥ الى ٣٧]
أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (٢٧) وَ عِنَباً وَ قَضْباً (٢٨) وَ زَيْتُوناً وَ نَخْلاً (٢٩)
وَ حَدائِقَ غُلْباً (٣٠) وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا (٣١) مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ (٣٢) فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤)
وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ (٣٥) وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)
فى الإشارة : صببنا ماء الرحمة على القلوب القاسية فلانت للتوبة، وصببنا ماء التعريف على القلوب فنبتت فيها أزهار التوحيد وأنوار التجريد.
«وَقَضْباً» أي القت «٢».
«وَحَدائِقَ غُلْباً» متكائفة غلاظا.
«وَفاكِهَةً وَ أَبًّا» الفاكهة : جميع الفواكه، و«أَبًّا» : المرعى.
«مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ...»
«فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ» أي : القيامة فيومئذ يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، ثم بيّن ما سبب ذلك فقال :
«لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ» لا يتفرّغ إلى ذاك، ولا ذاك إلى هذه. كذلك قالوا : الاستقامة أن تشهد الوقت

_
١) أي : كلّا لم يقض اللّه لهذا الكافر ما أمره به من الإيمان، بل أمره بما لم يقض له - وهذا الرأى للإمام ابن فورك شيخ القشيري.
(٢) سمىّ القت قضبا لأنه يقضب، أي يقطع بعد ظهوره مرة بعد مرة (الحسن) ويرى ابن عباس أنه الرطب لأنه يقضب من النخل، ولأنه ذكر العنب قبله.


الصفحة التالية
Icon