لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٩٧
أي : ما خدعك وما سوّل لك حتى عملت «١» بمعاصيه؟
و يقال : سأله وكأنما في نفس السؤال لقّنه الجواب يقول : غرّنى كرمك بي، ولو لا كرمك لما فعلت لأنّك رأيت فسترت، وقدّرت فأمهلت.
ويقال : إن المؤمن «٢» وثق بحسن إفضاله فاغترّ بطول إمهاله فلم يرتكب الزلّة لاستحلاله، ولكنّ طول حلمه عنه حمله على سوء خصاله، وكما قلت «٣» :
يقول مولاى : أما تستحى مما أرى من سوء أفعالك
قلت : يا مولاى رفقا فقد جرّأنى «٤» كثرة أفضالك
قوله جل ذكره :
[سورة الانفطار (٨٢) : الآيات ٧ الى ١٢]
الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ (١١)
يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (١٢)
أي : ركّب أعضاءك على الوجوه الحكميّة «٥» فى أي صورة ماشاء، من الحسن والقبح، والطول والقصر. ويصح أن تكون الصورة هنا بمعنى الصّفة، و«فِي» بمعنى «على» فيكون معناه : على أي صفة شاء ركّبك من السعادة أو الشقاوة، والإيمان أو المعصية..
قوله جل ذكره :«كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ» أي : القيامة «٦».
«وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ» هم الملائكة الذين يكتبون الأعمال. وقد خوّفهم برؤية الملائكة وكتابتهم الأعمال لتقاصر
(١) هكذا في ص وهي في م (علمت) وهي خطأ في النسخ.
(٢) يقصد القشيري هنا (المؤمن العاصي).. المنزلة بين المنزلتين (بين المؤمن والكافر).
(٣) ينبغى ملاحظة ذلك إذا أردنا أن ندرس (القشيري الشاعر) : أنظر هذه الدراسة في كتابنا عن (الإمام القشيري).
(٤) هكذا في م وهي في ص (أفسدنى) وكلاهما صحيح.
(٥) هكذا في النسختين، وقد كنا نريد أن نظن أنها ربما كانت (الحكيمة)، ولكن ارتباط السياق بالمشيئة (.. ما شاء ركّبك) جعلنا نحجم عن هذا الظن.
(٦) بدليل قوله تعالى فيما بعد (يصلونها يوم الدين).