لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٧
أي ما نجدّد لهم شرعا، وما نرسل لهم رسولا.. إلا أعرضوا عن تأمل برهانه، وقابلوه بالتكذيب. فلو أنهم أنعموا النظر في آيات الرسل لا تضح لهم صدقهم، ولكن المقسوم لهم من الخذلان في سابق الحكم يمنعهم من الإيملن والتصديق. فقد كذّبوا، وعلى تكذيبهم أصرّوا، فسوف تأتيهم عاقبة أعمالهم بالعقوبة الشديدة، فيذوقون وبال شركهم.
قوله جل ذكره :
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٧ الى ٩]
أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩)
فنون ما ينبت في الأرض وقت الربيع لا يأتى عليه الحصر، ثم اختصاص كلّ شىء منها بلون وطعم ورائحة مخصوصة، ولكلّ شكل وهيئة ونور مخصوص، وورق مخصوص... إلى ما تلطف عنه العبارة، وتدق فيه الإشارة. وفي ذلك آيات لمن استبصر، ونظر وفكّر.
«وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ» : القاهر الذي لا يقهر، القادر الذي لا يقدر، المنيع الذي لا يجبر.
«الرَّحِيمُ» : المحسن لعباده، المريد لسعادة أوليائه.
قوله جل ذكره :
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٠ الى ١١]
وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَ لا يَتَّقُونَ (١١)
أخبر أنه لما أمره بالذهاب إلى فرعون لدعوته إلى اللّه علم أنه شديد الخصومة، قد غرّته نفسه فهو لا يبالى بما فعل. وأخذ (موسى) «١» يتعلّل - لا على جهة الإباء والمخالفة - ولكن على وجه الاستعفاء والإقالة إلى أن علم أنّ الأمر به جزم، والحكم به عليه حتم.
قوله جل ذكره :
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٢ الى ١٥]
قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَ يَضِيقُ صَدْرِي وَ لا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ (١٣) وَ لَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قالَ كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥)
(١) ليست موجودة في النص وقد وضعناها بين قوسين منعا للبس.