لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٧٢٢
«فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ» أراد عيونا لأن العين اسم جنس، والعيون الجارية هنالك كثيرة ومختلفة.
ويقال : تلك العيون الجارية غدا لمن له - اليوم - عيون جارية بالبكاء «١»، وغدا لهم عيون ناظرة بحكم اللقاء.
[سورة الغاشية (٨٨) : الآيات ١٧ الى ١٥]
النمارق المصفوفة في التفسير : الطنافس المبسوطة.
الزرابي المبثوثة في التفسير : البسط المتفرقة.
وإنما خاطبهم على مقادير فهو مهم «٢».
قوله جل ذكره :«أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ؟» لمّا ذكر وصف تلك السّرر المرفوعة المشيّدة قالوا : كيف يصعدها المؤمن؟ فقال :
أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت؟ كيف إذا أرادوا الحمل عليها أو ركوبها تنزل؟
فكذلك تلك السّرر تتطامن حتى يركبها الوليّ.
وإنما أنزلت هذه الآيات على وجه التنبيه، والاستدلال بالمخلوقات على كمال قدرته سبحانه.
فالقوم كانوا أصحاب البوادي لا يرون شيئا إلا السماء والأرض والجبال والجمال...
فأمرهم بالنظر في هذه الأشياء.

_
(١) منذ عهد مبكر ظهرت طائفة البكّائين في صفوف الزهاد، وإن كان بعض الصوفية لا يتحمس البكاء إمّا لأن الدموع علامة شكوى، وهم لا يحبون أن يشكوا، وإمّا لأنها تنم عن ضعف الحال، وهم يتمنون أن يكونوا راسخين كالجبال.
(٢) يتبع هذا فكرة القشيري الأساسية عن وصف الآخرة : الأسماء أسماء، والأعيان بخلاف ذلك.


الصفحة التالية
Icon