لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٧٤٦
قوله جل ذكره :«لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» فى اعتدال قامته، وحسن تركيب أعضائه. وهذا يدل على أنّ الحقّ - سبحانه - ليس له صورة ولا هيئة لأنّ كلّ صفة اشترك فيها الخلق والحقّ فالمبالغة للحقّ... كالعلم، فالأعلم اللّه، والقدرة : فالأقدر اللّه فلو اشترك الخلق والخالق في التركيب والصورة لكان الأحسن في الصورة اللّه... فلمّا قال :«لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» علم أنّ الحقّ - سبحانه - منزّه عن التقويم وعن الصورة. «١»
قوله جل ذكره :«ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ» أي : إلى أرذل العمر وهو حال الخرف «٢» والهرم.
ويقال :«أَسْفَلَ سافِلِينَ» :

إلى النار والهاوية في أقبح صورة فيكون أوّل الآية عامّا وآخرها خاصّا بالكفّار كما أنّ التأويل الأول - الذي هو حال الهرم - خاصّ في البعض إذ ليس كلّ الناس يبلغون حال الهرم.
«إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ» أي : غير منقوص.
ويقال :«ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ» أي : إلى حال الشقاوة والكفر إلّا المؤمنين.
قوله جل ذكره :«فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ» أيها الإنسان.. مع كل هذا البرهان والبيان؟
«أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ»؟
_
(١) فى هذا ردّ جميل مقنع على المشبهة، وعلى كل ذى تصور وهمي للألوهية.
(٢) الخرف - فساد العقل بسبب كبر السنّ.


الصفحة التالية
Icon