لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٧٤٨
[سورة العلق (٩٦) : الآيات ٦ الى ١٦]
كَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (٧) إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (٨) أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى (١٠)
أَ رَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (١٢) أَ رَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى (١٣) أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى (١٤) كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (١٥)
ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (١٦)
«١»
أي : يتجاوز جدّه إذا رأى في نفسه أنه استغنى لأنه يعمى عن مواضع افتقاره.
ولم يقل : إن استغنى بل قال :«أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى » فإذا لم يكن معجبا بنفسه، وكان مشاهدا لمحلّ افتقاره - لم يكن طاغيا «٢».
قوله جل ذكره :«إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى »
أي : الرجوع يوم القيامة.
قوله جل ذكره :«أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى» أ ليس لو لم يفعل هذا كان خيرا له؟ ففى الآية هذا الإضمار.
«أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى » لكان خيرا له؟
«أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى» كذّب بالدّين، وتولّى عن الهداية.
قوله جل ذكره :«أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى »؟
أي : ما الذي يستحقّه من هذه صفته؟
و التخويف برؤية اللّه تنبيه على المراقبة - ومن لم يبلغ حال المراقبة لم يرتق منه إلى حال المشاهدة.
قوله جل ذكره :«كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ»
(١) قيل نزلت في أبى جهل حين نهى النبي «ص» عن الصلاة، فأمر اللّه نبيه أن يصلى في المسجد ويقرأ باسم الرب...
والذين يرون ذلك يرون أن السورة ليست من أوائل ما نزل من القرآن. أو يجوزون أن تكون أوائل السورة كذلك وأن بقيّتها في شأن أبى جهل - أي متأخرة.
روى البخاري عن ابن عباس : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلى عند الكعبة لأطأن على عنقه، فبلغ النبي ذلك فقال : لو فعل لأخذته الملائكة. (البخاري ح ٣ ص ١٤٦). [.....]
(٢) من أشد آفات الطريق خطرا ملاحظة النفس، وناهيك بدعاواها.