لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٧٨٨
و «الْخَنَّاسِ» الذي يغيب ويخنس عن ذكر اللّه. وهو من أوصاف الشيطان.
«الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ» قيل :«النَّاسِ» يقع لفظها على الجنّ والإنس جميعا - كما قال تعالى :
«وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ» «١» فسمّاهم نفرا، وكما قال :
«يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ» «٢» فسمّاهم رجالا.. فعلى هذا استعاذ من الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس، والشيطان الذي له تسلّط على الناس كالوسواس فللنّفس من قبل العبد هواجس، وهواجس النّفس ووساوس الشيطان يتقاربان إذ أن ما يدعو إلى متابعة الشهوة أو الضلالة في الدين أو إلى ارتكاب المعصية، أو إلى الخصال الذميمة - فهو نتيجة الوساوس والهواجس.
وبالعلم يميّز «٣» بين الإلهام وبين الخواطر الصحيحة وبين الوساوس «٤».
(و مما تجب معرفته) «٥» أن الشيطان إذا دعا إلى محظور فإن خالفته يدع ذلك (ثم) يدعوك إلى معصية أخرى إذ لا غرض له إلا الإقامة على دعائك (... «٦») غير مختلفة.
(١) آية ٢٩ سورة الأحقاف.
(٢) آية ٦ سورة الجن.
(٣) فى النص كلمة منبهمة اخترنا (يميز) طبقا لرأى القشيري كما سيتضح من الهامش التالي.
(٤) «الخاطر خطاب يرد على الضمائر وقد يكون بإلقاء الشيطان وقد يكون من أحاديث النفس أو من قبل الحق فإذا كان من الملك فهو الإلهام، وإذا كان من قبل النفس قيل له : الهواجس، وإذا كان من قبل الشيطان فهو الوسواس، وإذا كان من قبل اللّه - سبحانه - وإلقائه في القلب فهو خاطر حقّ.. وإذا كان من قبل الملك فإنما يعلم صدقه بموافقة العلم...» رساله القشيري ص ٤٦ و٤٧.
(٥) هذه إضافة من جانبنا ليتماسك السياق ويتضح.
(٦) مشتهة.