لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٩٩
و يقال بل الصلاة الحقيقية ما تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر. فإن كان - وإلا فصورة الصلاة لا حقيقتها ويقال الفحشاء هي الدنيا، والمنكر هو النّفس.
ويقال الفحشاء هي المعاصي، والمنكر هو الحظوظ.
ويقال الفحشاء الأعمال، والمنكر حسبان النجاة بها، وقيل ملاحظته الأعواض عليها، والسرور والفرح بمدح الناس لها.
ويقال الفحشاء رؤيتها، والمنكر طلب العوض عليها.
«وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ» «١» : ذكر اللّه أكبر من ذكر المخلوقين لأن ذكره قديم وذكر الخلق محدث.
ويقال ذكر العبد للّه أكبر من ذكره للأشياء الأخرى لأن ذكره للّه طاعة، وذكره لغيره لا يكون طاعة.
ويقال ولذكر اللّه لك أكبر من ذكرك له.
و يقال ذكره لك بالسعادة أكبر من ذكرك له بالعبادة.
ويقال ذكر اللّه أكبر من أن تبقى معه وحشة.
ويقال ذكر اللّه أكبر من أن يبقى للذاكر معه ذكر مخلوق.
ويقال ذكر اللّه أكبر من أن يبقى للزّلة معلوما أو مرسوما.
ويقال ذكر اللّه أكبر من أن يعيش أحد من المخلوقين بغيره.
ويقال ولذكر اللّه أكبر من أن يبقى معه للفحشاء والمنكر سلطانا فلحرمة ذكره زلّات الذاكر مغفورة، وعيوبه مستورة.
قوله جل ذكره :
[سورة العنكبوت (٢٩) : آية ٤٦]
وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٤٦)
(١) رأى القشيري فى «وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ»، ليس فيه كما يلحظ القارئ تقليل من قيمة الصلاة العادية التي وردت في الآية نفسها، كما قد يدعى بعض من يتهمون الصوفية بأنهم يرفعون «ذكرهم» ويخفضون قيمة «الصلاة» وبالتالى لأ يأبهون بها -.. وهذا - كما هو واضح - اتهام باطل.