ج ١، ص : ١٠٠
شيئا بل لا بد لذلك من الاستغفار والمبادرة في الأعمال الصالحة والاجتناب عن المعاصي ومن ثم نهاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن تمنى الموت - والتحقيق في ذلك ان التمني بالموت عنه خوف المعصية والتقصير في الطاعة جائز قطعا لا ريب فيه - واما من غير ذلك بل شوقا إلى لقاء المحبوب فقد وقع عن بعض السلف عند الاحتضار كما روينا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعن خليل الرحمن عليه السلام وعن عمار وحذيفة وغيرهم انه إذا حضرهم الموت ولم يبق لهم طمع في ازدياد الأعمال اشتاقوا إلى لقاء ذى الجلال - عن عبادة ابن الصامت قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من أحب لقاء اللّه أحب اللّه لقاءه ومن كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه فقالت عائشة أو بعض أزواجه انا لنكره الموت قال ليس ذلك ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر « ١ » برضوان اللّه وكرامته فليس شىء أحب إليه مما امامه فاحب لقاء اللّه فاحب اللّه لقاءه وان الكافر إذا حضر بشر بعذاب اللّه وعقوبته فليس شىء اكره إليه مما امامه فكره لقاء اللّه فكره اللّه لقاءه - متفق عليه - واما في حالة الصحة فلم يرد عن السلف التمني بالموت الا عند خوف الفتنة والتقصير كما روينا عن عمر رضى اللّه عنه ويحمل عليه ما روى عن على رضى اللّه عنه أو عند غلبة الحال وذلك في الأولياء غالبا دون الأنبياء ومن في معنا هم من اصحاب الصحو من الصديقين والأولياء فانهم مع شدة شوقهم إلى لقاء الرحمن يغتنمون ازدياد الحسنات شعر فانى في
الوصال عبيد نفسى - وفي الهجران مولى للموالى واما اليهود فلشدة جهلهم وعنادهم لما كانوا يدّعون انهم أحباء اللّه تعالى وانهم غير محتاجين إلى الأعمال قيل لهم ان كنتم صادقين في دعواكم لا بد لكم من تمنى المنى ولما كانوا كاذبين في دعواهم رد اللّه تعالى عليهم قولهم وقال.
وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً فى هذه الجملة اخبار بالغيب ومعجزة على اليهود بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ من موجبات النار كالكفر بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقران وتحريف التورية وغير ذلك من الأعمال - ولما كانت اليد العاملة مختصة بالإنسان فمعز الدولة لقدرته بها عامة صنائعه ومنها اكثر منافعه عبر بها عن النفس تارة وعن القدرة اخرى وَاللَّهُ عَلِيمٌ
_________
(١) البشارة برضوان اللّه عنا اقتراب الموت للاولياء اما يكون بالكشف وكلام الهاتف ونحو ذلك واما يكون بذوقهم كثرة نزول البركات عليهم في ذلك الحالة واما عند رؤية ملائكة الموت وملائكة الرحمة واما البشارة للكافر بالعذاب فلا يكون الا عند رؤية ملائكة الموت والعذاب - منه رحمه اللّه


الصفحة التالية
Icon