ج ٣، ص : ٤٦
عن أبيه مرفوعا ثم يغسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه ولم يرو عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة انهم تركوا غسل المرافق والكعاب فى الوضوء وذلك دليل واضح لمعرفة معنى الكتاب ومن ثم قال بعض المفسرين إلى هاهنا فى الموضعين بمعنى مع كما فى قوله تعالى ويزدكم قوة إلى قوتكم وقوله تعالى ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم وقوله تعالى من انصارى إلى اللّه أى مع اللّه وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ اختلف العلماء فى القدر الواجب من مسح الراس بهذه الآية فقال مالك واحمد رحمه اللّه يجب مسح جميع الراس لأن الراس اسم لعضو معلوم والباء زائدة فإذا أمرنا بالمسح يجب استيعابها كما يجب استيعاب الوجه بالمسح فى التيمم ويدل عليه استيعابه صلى اللّه عليه وسلم روى عبد اللّه بن زيد ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مسح راسه بيديه
فاقبل بهما وأدبر بمقدم راسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردّهما إلى المكان الذي بدأ منه متفق عليه وقال أبو حنيفة رحمه اللّه والشافعي رحمه اللّه الباء للالصاق لأنه هو المعنى الحقيقي للباء اجمع عليه علماء العربية لا يصار عنه الا بدليل وهى تدخل على الوسائط غالبا والوسائط لا تقصد استيعابها ولذلك إذا دخلت على المحل دلت على ان الاستيعاب غير مراد ويدل على ذلك فعله صلى اللّه عليه وسلم عن المغيرة بن شعبة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته ومسح على الخفين والعمامة رواه مسلم وروى الشافعي رحمه اللّه عن عطاء مرسلا ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم توضأ فحسر العمامة ومسح مقدم راسه وهو مرسل اعتضد من وجه اخر روى موصولا أخرجه أبو داود من حديث أنس وفى اسناده أبو معقل لا يعرف حاله وأخرج سعيد بن منصور عن عثمان صفة الوضوء قال ومسح مقدم راسه وفيه خالد بن يزيد بن أبى مالك مختلف فيه قال الحافظ ابن حجر وصح عن ابن عمر الاكتفاء بمسح بعض الراس قاله ابن المنذر وغيره ولم يصح عن أحد من الصحابة انكار ذلك قاله ابن حزم وأحاديث الاستيعاب محمولة على الاستحباب لا ينفى عدم جواز الاكتفاء على البعض ولما ثبت ان مسح جميع الراس غير مراد فقال الشافعي رحمه اللّه فالمعنى وامسحوا بعض رءوسكم فالاية مطلق فيكفى من الرأس مسح شعرة أو ثلث شعرات وقال أبو حنيفة رحمه اللّه بل الآية مجملة لأن جميع الراس غير مراد بدلالة كلمة الباء وأحاديث المسح على مقدم الراس ولا مطلق البعض من الراس