ج ٣، ص : ٦٧
فرقة خائنة أو نفس خائنة أو فعلة ذات خيانة أو معناه خائن والهاء للمبالغة مِنْهُمْ الضمير عائد إلى بنى إسرائيل أجمعين الموجودين فى زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم وأسلافهم والاطلاع أعم منه بالمشاهدة أو بالأخبار يعنى ان الخيانة والغدر من عادتهم وعادة أسلافهم لا تزال ترى ذلك منهم كان أسلافهم يخولون الرسل الماضين وهؤلاء يخونونك وكانت خيانة هؤلاء نقض ما عهدوا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم ومظاهرتهم المشركين على حرب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهمهم بقتله وسمّه ونحو ذلك إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ لم يخونوا وهم الصالحون من أمة موسى وعيسى عليهما السّلام والذين أمنوا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم بعد مبعثه وقيل الاستثناء من قوله وجعلنا قلوبهم قاسية وهذا ليس بسديد لأن جعل قلوبهم قاسية متفرع على نقضهم ميثاقهم ونقض الميثاق يستلزم القساوة ألبتة فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ أى اعرض عنهم ولا تتعرض ولا تواخذهم بما اذوك ولا تعامل معهم الا ما أمرك اللّه به والعفو عما فعلوا فى شانه صلى اللّه عليه وسلم لا ينافى القتال بامر اللّه تعالى وقيل معناه اعف واصفح عنهم ان تابوا وأمنوا أو عاهدوا والتزموا الجزية وقيل هذا الحكم منسوخ باية السيف إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ تعليل للامر بالصفح وحث عليه وتنبيه على ان العفو عن الكافر الخائن احسان فضلا عن العفو عن غيره.
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ الجار والمجرور متعلق باخذنا وهو معطوف على قوله تعالى ولقد أخذ اللّه ميثاق بنى إسرائيل وضمير ميثاقهم اما راجع إلى الموصول يعنى وأخذنا من النصارى فى الإنجيل وعلى لسان عيسى عليه السّلام ميثاق النصارى بامتثال ما أمروا فى الإنجيل مصدقا لما بين يديه من التورية ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد واما راجع إلى بنى إسرائيل المذكورين من قبل يعنى أخذنا من النصارى ميثاق من ذكر قبلهم من قوم موسى أى ميثاقا مثل ميثاقهم قال الحسن فيه دليل على انهم نصارى بتسميتهم أنفسهم لا بتسمية اللّه تعالى والاولى ان يقال انه تعالى انما لم يقل ومن النصارى أخذنا ميثاقهم ليدل على انهم يسمّون أنفسهم بذلك ادّعاء لنصرة اللّه تعالى وليسوا كذلك وليس هذا الا للتعريض على الموجودين فى زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم لا على أسلافهم فان منهم من كانوا أنصار اللّه تعالى