ج ٣، ص : ٦٩
الظُّلُماتِ أى ظلمات الكفر إِلَى النُّورِ نور الايمان بِإِذْنِهِ بإرادته وتوفيقه وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أى طريق موصل إلى اللّه تعالى ألبتة وهو الإسلام.
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ والقائلون بهذا القول اليعقوبية من النصارى فانهم قائلون بالاتحاد وقيل لم يصرح به أحد ولكن لما زعموا ان فيه لاهوتا وقالوا لا اله الّا واحد لزمهم ان يكون هو المسيح فنسب إليهم لازم قولهم توضيحا لجهلهم وتفضيحا لمعتقدهم قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ أى يقدر ان يدفع مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً يعنى ان المسيح وامه عبدان مخلوقان من جنس سائر الممكنات فان عطف من فى الأرض عليهما يفيد انهما من جنسهم متصفان بالحدوث واماراته من الابنيّة والامومية قابلان للهلاك والغناء مقدوران للّه تعالى وحده إنشاء اللّه تعالى هلاكهما لا يستطيعان دفع الهلاك عن أنفسهما كسائر الممكنات وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ بغير مادة سبقت عليه كالسموات والأرض أو من مادة من غير جنسه كما خلق آدم من الطين أو من ذكر وحده كما خلق حواء من آدم أو من أنثى وحدها كما خلق عيسى بن مريم أو من ذكر وأنثى كاكثر الحيوانات وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ من الاحياء والاماتة فكيف يتصور اتحاد من ذلك شانه وظهر احتياجه وإمكانه بمن هذا سلطانه وعزّ برهانه روى ابن إسحاق عن ابن عباس قال اتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نعمان بن احيى وبحرى بن عمرو وشاس بن عدى فكلموه وكلمهم ودعاهم إلى اللّه وحذرهم نقمته فقالوا ما تخوفنا يا محمد نحن واللّه أبناء اللّه واحباؤه كقول النصارى فانزل اللّه تعالى.
وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ الآية قيل أرادوا ان اللّه تعالى كالاب لنا فى الحنو والعطف ونحن كالابناء له فى القرب والمنزلة وقال ابراهيم النخعي ان اليهود وجدوا فى التورية يا أبناء احبارى فبدّلوا يا أبناء ابكارى فمن ذلك قالوا نحن أبناء اللّه وقيل معناه نحن أبناء رسل اللّه وقيل أرادوا انهم أشياع ابنيه عزير والمسيح كما قال لاشياع أبى الجنيب عبد اللّه بن الزبير الجنيبيون قُلْ يا محمد ان صح ما زعمتم فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ فان الأب