ج ٣، ص : ٧٩
فى نفسه لا أبالي أيقبل قربانى أم لم يقبل لا يتزوج أختي ابدا وكان هابيل صاحب غنم فعمد إلى احسن كبش من غنمه فقرب به وأضمر رضوان اللّه تعالى فوضعا قربانهما على الجبل ثم دعا آدم عليه السّلام فنزلت نار من السماء فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما يعنى هابيل أكلت النار قربانه وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ يعنى من قابيل قربانه فغضب قابيل لرد قربانه وكان يضمر الحسد فى نفسه إلى ان اتى آدم مكة لزيارة البيت فلما غاب آدم اتى قابيل هابيل قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ هابيل لم قال لأن اللّه تعالى قبل قربانك ورد قربانى وتنكح أختي الحسناء وانكح أختك الذميمة فيتحدث الناس انك خير منى ويفتخر ولدك على ولدي فقال هابيل وما ذنبى إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ القربان مِنَ الْمُتَّقِينَ وفيه اشارة إلى ان الحاسد ينبغى ان يرى حرمانه من تقصيره ويجتهد فى تحصيل ما به صار المحسود محظوظا لا فى ازالة حظه فان ذلك مما يضره ولا ينفعه وان الطاعة انما يتقبل من مومن متق عن الرذائل والمناهي عند اخلاص النية أخرج ابن أبى شيبة عن الضحاك فى قوله تعالى انما يتقبل اللّه من المتقين قال الذين يتقون الشرك قلت لعل المراد بقوله تعالى انما يتقبل اللّه من المتقين ان القربان لا يتقبل الا ممن كان محقا من الخصمين لا من المبطل واللّه اعلم وسئل موسى بن أعين عن قوله تعالى انما يتقبل اللّه من المتّقين قال تنزهوا عن أشياء من الحلال مخافة الحرام وأخرج ابن أبى الدنيا عن على بن أبى طالب قال لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبّل وأخرج ابن أبى الدنيا عن عمر بن عبد العزيز انه كتب إلى رجل أوصيك بتقوى اللّه الذي لا يقبل غيرها ولا يرحم الا أهلها ولا يثاب الا عليها فان الواعظون بها كثير
والعاملون بها قليل وأخرج ابن أبى حاتم عن أبى الدرداء قال لأن استقر انّ اللّه قد تقبل منى صلوة واحدة أحب إلى من الدنيا وما فيها ان اللّه يقول انما
يتقبل اللّه من المتقين وأخرج ابن عساكر عن هشام بن يحيى عن أبيه قال دخل سائل إلى ابن عمر فقال لابنه أعطه درهما فاعطاه فلما انصرف قال ابنه تقبل منك يا أبتاه قال لو علمت ان اللّه يقبل سجدة واحدة أو صدقة درهم لم يكن غائب أحب إلى من الموت تدرى ممن يتقبل اللّه انما يتقبل اللّه من المتقين وأخرج ابن عساكر عن ابن مسعود قال لأن أكون اعلم ان اللّه يتقبل منى عملا أحب إلى من ان أكون لى ملأ الأرض ذهبا وعن عامر بن عبد اللّه انه بكى حين حضره الوفاة


الصفحة التالية
Icon