ج ١، ص : ١٠٩
وهذه القصة من اخبار الآحاد بل من الروايات الضعيفة الشاذة ولا دلالة عليها في القرآن بشىء وفي بعض روايات هذه القصة ما يأباه النقل والعقل وهو ما حكى عن الربيعة بن أنس انه مسخ اللّه الزهرة كوكبا وصعدت إلى السماء حين تعلمت الاسم الأعظم وتكلمت به ولم يستطع هاروت وماروت الصعود إلى السماء مع كونهما معلمين الزهرة ومساواتهما لها في ارتكاب المعصية بل كان كفرهما دون كفر زهرة لاجل سكرهما واللّه اعلم - قال محمد بن يوسف الصالحي في سبيل الرشاد قال الشيخ كمال الدين - وائمة النقل لم يصححوا لهذه القصة ولا اثبتوا روايتها عن على ولا عن ابن عباس رضى اللّه عنهما - قال العاصي ان هذه الاخبار لم يرو منها شىء صحيح ولا سقيم عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - قال وهذه الاخبار من كعب اليهود وافترائهم - قال الصالحي ذكروا في تأويل الآية ان اللّه تعالى كان قد امتحن الناس بالملكين فان السحر كان قد ظهر وظهر قول اهله فانزل اللّه تعالى ملكين يعلمان الناس حقيقة السحر ويوضحان امره ليعلم الناس ذلك ويميّزوا بينه وبين المعجزة والكرامات فمن جاء يطلب ذلك منهما انذراه وأعلماه انما أنزلنا فتنة لتعليم السحر فمن تعلّمه ليجتنبه ويعلم الفرق بينه وبين المعجزات والكرامات وما يظهره اللّه تعالى على أيدي عباده المؤمنين فذلك هو المرضى ومن تعلمه لغير ذلك ادّى به إلى الكفر - فلهذا كان الملكان « ١ » يقولان انما نحن فتنة فلا تكفر ثم يقولان له إذا فعل الساحر كذا فرق بين المرء وزوجه - فعلى هذا يكون فعل الملكين طاعة لامر اللّه تعالى ولا ينافى عصمة الملائكة - قال البيضاوي هذه القصة محكى عن اليهود ولعله من رموز الأوائل وحله لا يخفى على ذوى البصائر - أقول في حله لعل المراد بالملكين القلب والروح وسائر لطائف عالم الأمر وانما ذكر الاثنين مع انها خمسة لارادة التعدد دون العدد المعين أو لأنه قد ينكشف على بعض السالكين
الاثنين منها القلب والروح دون البواقي - فكنى ذلك الرجل عما انكشف عليه والمراد بالمرأة النفس المنبعثة من العناصر فانها الامّارة بالسوء - ولما زوج اللّه سبحانه بحكمته البالغة لطائف عالم الأمر مع النفس وجعل بينها محبة وعشقا اسودت اللطائف وانكدرت وغفلت عن خالقها وهى محبوسة منكوسة في القالب الظلماني الذي امتلأت من نار الشهوات وذلك هو المراد بالجب ببابل مملوة نارا - ثم إذا مات الإنسان وقامت قيامة واستدركه الرحمة خلصت من السجن ان بقي فيها نور الايمان - واما النفس الكائنة في قالب رجل من الأبرار فبمجاورة لطائف عالم الأمر والرياضات المأمورة وذكر اسم اللّه الأعظم صعدت
_________
(١) فى الأصل ملكين -


الصفحة التالية
Icon