ج ٣، ص : ٢١٤
ولذا اختلف اخلاقهم فقال اللّه تعالى رحم جبرئيل وميكائيل الأرض ولم ترحمها لا جرم اجعل أرواح من اخلق من هذا الطين بيدك روى عن أبى هريرة رضى اللّه عنه خلق اللّه آدم عليه السلام من تراب وجعله طينا ثم تركه حتى كان حماء مسنون ثم خلقه وصوره وتركه حتى صار صلصالا كالفخار ثم نفخ فيه روحه كذا قال البغوي وعن أبى موسى قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول ان اللّه خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب رواه أحمد والترمذي وأبو داؤد وعن أبى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم خلق اللّه آدم من تراب الجابية « ١ » وعجنه بماء الجنة رواه الحكيم وابن عدى بسند حسن ثُمَّ قَضى أَجَلًا والمراد به واللّه اعلم انه يكتب الملك اجله بإذن ربه بعد تمام خلقه كما يدل عليه كلمة ثم والجملة الفعلية عن ابن مسعود قال حدثنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ان خلق أحدكم يجمع فى بطن امه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث اللّه إليه ملكا بأربع كلمات فيكتب عمله واجله ورزقه وشقى أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح فو الذي لا اله غيره ان أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الاذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وان أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها متفق عليه وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ أى أجل مثبت معين عند اللّه فى علمه القديم لا يقبل التغير ولا مدخل فيه لغيره تعالى ولذا عبر عنه بالجملة الاسمية الدالة على الدوام والاستمرار والاستيناف به لتعظيمه ولذلك نكر وكونه مخصوصة بالصفة اغنى عن تقديم الخبر وقال الحسن وقتادة والضحاك الاجل الأول من الولادة الى
الموت والاجل الثاني من الموت إلى البعث وهو البرزخ روى ذلك عن ابن عباس وقال لكل واحد أجلان أجل من الولادة إلى الموت وأجل من الموت إلى البعث فان كان برا تقيا وصولا للرحم زيد له من أجل البعث فى أجل العمر وان كان فاجرا قاطعا للرحم نقص من أجل العمر وزيد فى أجل البعث وقال مجاهد وسعيد بن جبير الاجل الأول أجل الدنيا و
_________
(١) الجبا بالكسر ما جمعت فيه الماء ١٢


الصفحة التالية
Icon