ج ٣، ص : ٢٣٥
الدواب والطير وكل شىء فبلغ من عدل اللّه تبارك وتعالى ان يأخذ للجماء من القرناء ثم يقول كونى ترابا فذلك حين يقول الكافر يا ليتنى كنت ترابا وروى البغوي عنه انه قال عليه الصّلوة والسّلام لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من القرناء وروى الطبراني فى الأوسط عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان أول خصم يقضى فيه يوم القيامة عنزان ذات قرن وغير ذات قرن ونحوه عن أبى ذر عند أحمد والبزار والطبراني وروى الحاكم عن ابن عمر ونحوه ولما ذكر من خلائقه واثار قدرته ما يدل على عظمته وشمول علمه وقدرته على البعث والجزاء قال.
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ لا يسمعون مثل هذه الآيات المنبهة خبر للموصول وَبُكْمٌ لا ينطقون بالحق معطوف على صم فِي الظُّلُماتِ خبر بعد خبر والمراد بالظلمات ظلمة الكفر والجهل والعناد وتقليد الآباء وجاز ان يكون حالا من المستكن فى الخبر ثم قال إيذانا بان الاهتداء بالآيات وعدمه يتوقف على مشية اللّه تعالى وانه تعالى يفعل ما يريد مَنْ يَشَأِ اللَّهُ ضلاله يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ هدايته يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل إلى ما هو حق فى نفس الأمر.
قُلْ يا محمد لهؤلاء المشركين أَرَأَيْتَكُمْ قرأ نافع ارايتكم وارايتم وأ فرأيت وشبهه إذا كان قبل الراء همزة بتسهيل الهمزة والتي بعد الراء والكسائي يسقطها أصلا وحمزة يوافق نافعا فى الوقف فقط والباقون يحققونها فى الحالين استفهام تعجيب والكاف حرف خطاب أكد به الضمير المرفوع المفرد بناء على شمول الجمع المفرد ولا محل له من الاعراب ومفعولاه محذوفان تقديره ارايتكم الهتكم تنفعكم إذ تدعونها يدل عليهما ما بعده أو الفعل فى المعنى متعلق بغير اللّه تدعون لكنه معلق لأن الروية تعلق قبل الاستفهام كما عرف فى موضعه قال البيضاوي الاستفهام للتعجيب فانهم لما عاملوا معاملة من يعلم انه يدعو غير اللّه فى الابتلاء الشديد نزلهم منزلتهم وتعجيب عن هذا العلم وقال الفراء يقولون ارايتك وهم يريدون أخبرنا قال المحقق التفتازانيّ انما وضع الاستفهام عن العلم أو عن روية البصر عن الاستخبار لأن الروية بالبصر سبب للعلم والعلم سبب للاخبار فوضع السبب موضع المسبب إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ فى الدنيا كما اتى الأمم الماضية أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ باهوالها أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ بصرف