ج ٣، ص : ٢٣٧
والأصل والمعنى انهم اهلكوا كلهم ولم يبق منهم أحد حتى يتوالد فقطع نسلهم فقطع الدابر اما باعتبار هلاك الأصول أو باعتبار قطع الاتباع والفروع وضع المظهر موضع المضمر ليدل على ان هلاكهم كان لاجل ظلمهم وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ على إهلاكهم حمد نفسه عند هلاك الظلمة لأنه نعمة جليلة من حيث دفع شرهم عن المؤمنين وتطهير الأرض عن العقائد والأعمال الفاسدة الموجبة لنزول العذاب ووصف نفسه برب العالمين لأن مقتضى ربوبية العالم إهلاك الظلمة وفيه إيذان بوجوب الحمد عند هلاك من لم يحمد للّه ثم دل على قدرته وتوحيده بقوله.
قُلْ يا محمد أَرَأَيْتُمْ أيها المشركون إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ بان اصمكم واعميكم وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ بان يغشها بما يزول به عقولكم وجواب الشرط محذوف يدل عليه قوله مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ يعنى لا يأتكم به أحد والجملة الشرطية فى موضع المفعولين لرايتم والاستفهام للتقرير يعنى قد علمتم انه لا يأتيكم أحد بشئ مما ذكره ان اخذه اللّه انْظُرْ يا محمد كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ فى القاموس صرف الآيات تبيينها كذا قال البغوي يعنى نبيّن العلامات الدالة على التوحيد وقال البيضاوي معناه نكررها تارة من جهة المقدمات العقلية وتارة من حيث الترغيب والترهيب وتارة بالتنبيه والتذكير بأحوال المتقدمين ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ أى يعرضون عنها وثم لاستبعاد الاعراض بعد تصريف الآيات وظهورها.
قُلْ يا محمد أَرَأَيْتَكُمْ أيها المشركون إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً منصوبان على المصدرية أو على الحالية يعنى اتيانا بغتة فجاة من غير تقدم امارة إتيانه أو اتيانا جهرة أى ظاهرة قبل إتيانه بتقدم اماراته أو المعنى أتاكم عذابه حال كونه مباغتا أى مفاجيا أو مجاهرا وقال ابن عباس والحسن معناه ليلا أو نهارا هَلْ يُهْلَكُ استفهام انكار ومعناه النفي ومن ثم جاز الاستثناء المفرغ فالتقدير ما يهلك إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ على أنفسهم بالكفر.
وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ المؤمنين بالجنة وَمُنْذِرِينَ الكافرين بالنار يعنى ما نرسلهم قادرين على إتيان الآيات المقترحة وهداية من لم يشأ اللّه هدايته ولا على شىء اخر من الأحوال التي يتوقعها الكفار الا حال كونهم مبشرين ومنذرين فَمَنْ