ج ٣، ص : ٢٤٥
مفتح بفتح الميم وهو المخزن أو جمع مفتح بكسر الميم بمعنى المفتاح وهو ما يتوصل به إلى شىء مغلق والمراد بمفتاح الغيب علمه فان بالعلم يدرك المعلوم كأنَّه وصلة والمراد بالغيب ما لم يوجد بعد كاخبار المعاد ومن هذا القبيل ان المطر هل ينزل أو لا ومتى ينزل ومنه ما تكسب نفس غدا وانه باى ارض تموت أو وجد ولم يظهر اللّه تعالى على أحد ومنه ما فى الأرحام ومعنى عنده خزائن الغيب احاطة علمه بها كأنَّه موجود عنده تعالى روى البغوي بسنده عن ابن عمر انه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مفاتح الغيب خمس لا يعلمها الا اللّه لا يعلم ما يغيض الأرحام أحد الا اللّه ولا يعلم ما فى الغد أحد الا اللّه ولا يعلم متى يأتي المطر أحد الا اللّه ولا تدرى نفس باى ارض تموت ولا يعلم متى تقوم الساعة أحد الا اللّه وكذا روى أحمد والبخاري وفى الصحيحين فى حديث أبى هريرة فى قصة سوال جبرئيل انه عليه السلام قال فى خمس يعنى الساعة لا يعلمهن الا اللّه ثم قرأ ان اللّه عنده علم الساعة وينزل الغيث الآية قلت وليست خزائن الغيب منحصرة فى الخمس المذكورة بل كل ما لم يوجد أو لم يظهر بعد وقال الضحاك مفاتح الغيب خزائن الأرض وعلم نزول العذاب وقال عطاء ما غاب عنكم من الثواب والعقاب وقيل انقضاء الآجال وقيل احوال العباد من السعادة والشقاوة وخواتيم أحوالهم ولا تعارض بين هذه الأقوال بناء على ما قلت لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ تنصيص بما أشير إليه من حصر علم الغيب به تعالى يعنى لا يعلم شيئا من المغيبات الا اللّه تعالى ولا يعلم غيره منها الا بتوقيفه وهو سبحانه يعلم أوقاتها وما فى تعجيلها وتأخيرها من الحكمة وفيه دليل على انه تعالى يعلم الأشياء قبل وجودها وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ من النبات والدواب وغيرها وَالْبَحْرِ من الحيوانات والجواهر وغيرها هذه الجملة للاخبار عن تعلق علمه بالموجودات المشاهدات عطف
على الاخبار عن علمه تعالى بالمغيبات وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها مبالغة فى احاطة علمه بالجزئيات بعد ما علم ذلك فيما سبق فان ما للنفى ومن للاستغراق أى يعلم عددها وأحوالها قبل السقوط وبعده وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ قال ابن عباس الرطب الماء واليابس البادية وقال عطاء ما ينبت وما لا ينبت وقيل الحي والميت والصحيح انه عبارة عن كل شىء قوله وَلا حَبَّةٍ