ج ٣، ص : ٢٥٨
جميعا كَوْكَباً أى الزهرة أو المشترى قالَ إلزاما للكفار فانهم كانوا يعبدون الأصنام والكواكب ويعظمونها ويرون ان الأمور كلها إليها فاراد ان ينبههم على ضلالتهم ويرشدهم إلى الحق من طريق النظر والاستدلال فقال هذا رَبِّي فى زعمكم أو بحذف همزة الاستفهام يعنى أهذا ربى أو قال على سبيل الفرض فان المستدل على فساد قوله يحكيه على ما يقوله الخصم ثم يرجع عليه بالابطال واجرى بعضهم على ظاهره فقال كان ابراهيم عليه السّلام حينئذ مسترشدا طالبا للتوحيد حتى وفقه اللّه تعالى وأتاه رشده فلم يضره ذلك فى حالة الاستدلال قال البغوي وكان ذلك فى حالة طفوليته قبل قيام الحجة عليه فلم يكن كفرا وقال البيضاوي انما قال ذلك زمان راهقته أو أول أوان بلوغه وفى شرح خلاصة السير لمولانا أبى بكر ان استدلاله بالكواكب والقمر كان وهو ابن خمسة عشر شهرا والصحيح هو القول الاوّل إذ لا يجوز ان يكون للّه رسول يأتي عليه وقت من الأوقات الا وهو للّه موحد وبه عارف ومن كل معبود سواه برى وكيف يتوهم هذا على من عصمه اللّه وطهّره وأتاه رشده من قبل قال فى الشفاء قال اللّه تعالى ولقد اتينا ابراهيم رشده من قبل أى هديناه صغيرا قاله مجاهد وغيره وقال ابن عطا اصطفاه قبل بدأ خلقه وقال بعضهم لما ولد ابراهيم عليه السّلام بعث اللّه إليه ملكا يأمره عن اللّه تعالى ان يعرفه بقلبه ويذكره بلسانه فقال قد فعلت ولم يقل افعل فذلك رشده وفى هذه الآية عطف قوله تعالى فلما جن على قوله تعالى قال ابراهيم وقوله تعالى وكذلك نرى ابراهيم اعتراض والغاء للتعقيب فدلت هذه الآية على انه كان هذا الاستدلال بعد قوله أتتخذ أصناما الهة انى أراك وقومك فى ضلال مبين وعلى تقدير كون هذا الكلام على طريقة الاستدلال الفاء للتفسير والتفصيل لقوله تعالى كذلك نرى ابراهيم وعلى هذا التقدير لا بد ان يكون هذا الكلام أول ليلة راى الكوكب من زمان عقله و
شعوره بحيث لم ير قبل ذلك قط وأساسا لهذا المفاد يذكرون قصة وذلك ان ابراهيم عليه السّلام ولد فى زمن نمرود بن كنعان وكان نمرود أول من وضع التاج على راسه ودعا الناس إلى عبادته وكان له كهان ومنجمون فقالوا له انه يولد فى بلدك هذه السنة غلام يغير دين أهل الأرض ويكون هلاكك وزوال ملكك على يديه ويقال انهم وجدوا ذلك فى كتب الأنبياء عليهم السّلام وقال السدى راى نمرود فى منامه كان كوكبا طلع فذهب بضوء الشمس والقمر حتى لم يبق لهما ضوء ففزع فزعا شديدا


الصفحة التالية
Icon