ج ٣، ص : ٢٦٠
عنها وكان اليوم على ابراهيم فى الشباب كالشهر والشهر كالسنة فلم يمكث ابراهيم فى المغارة الا خمسة عشر شهرا حتى قال لامه أخرجني فاخرجته عشاء فنظر فتفكر فى خلق السموات والأرض وقال ان الذي خلقنى وأطعمني وسقانى لربى الذي مالى اله غيره ثم نظر فى السماء فرأى كوكبا قال هذا ربى ثم اتبعه بصره ينظر إليه حتى غاب فلما أفل قال لا أحب الآفلين ثم راى القمر بازغا قال هذا ربى ثم اتبعه بصره حتى غاب ثم طلع الشمس هكذا إلى آخره ثم رجع إلى أبيه آزر وقد استقامت وجهته وعرف ربه وبرى من دين قومه الا انه لم يبادهم بذلك فاخبره انه ابنه وأخبرته امه انه ابنه وأخبرته بما كانت صنعت فى شانه فسر آزر بذلك وفرح فرحا شديدا وقيل انه كان فى السرب سبع سنين وقيل ثلث عشرة سنة وقيل سبع عشرة سنة قلت وهذه القصة ان صحت فالى هنالك لا تدل على كفر أبوي ابراهيم الا تسمية أبى ابراهيم بازر فان كفر آزر ثابت بالكتاب والسنة والظاهر ان تسمية أبى ابراهيم فى هذه القصة بازر وهم من بعض الرواة لكن قال بعضهم فى القصة انه لما شب ابراهيم عليه السّلام وهى فى السرب قال لامه من ربى قالت انا قال فمن ربك قالت أبوك قال فمن رب أبى قال نمرود قال فمن ربه قالت اسكت فسكت ثم رجعت إلى زوجها فقالت ارايت الغلام الذي كنا نحدث انه يغير دين أهل الأرض فانه ابنك ثم أخبرته بما قال فاتاه أبوه فقال له ابراهيم يا أبتاه من ربى قال أمك قال فمن رب أمي قالت انا قال فمن ربك قال نمرود قال فمن رب نمرود فلطمه لطمة وقال له اسكت فلما جن عليه الليل دنا من باب السرب فنظر من خلال الصخرة فابصر كوكبا قال هذا ربى ويقال انه قال لابويه أخرجاني فاخرجاه من السرب وانطلقا به حين غابت الشمس فنظر ابراهيم إلى الإبل والخيل والغنم فسال أباه ما هذه فقال ابل وخيل وغنم قال ما لهذه بد من ان يكون لهارب وخالق ثم نظر فإذا المشترى قد طلع ويقال الزهرة فكان تلك الليلة
من اخر الشهر فتاخر طلوع القمر فيها فرأى الكوكب قبل القمر فذلك قوله عز وجل فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربى وهذه القصة تدل على كفر أبوي ابراهيم عليه السّلام لكن لا يدل على موتهما على الكفر وأيضا هذه القصة مع اختلافها واضطرابها وعدم ثبوتها بسند صحيح لا يقوى معارضة ما صح عنه صلى اللّه عليه وسلم ان ابائه كلهم من آدم عليه السّلام إلى أبويه كانوا مومنين