ج ٣، ص : ٢٦٣
القادر باقدار اللّه تعالى ومشيته وبين القهار المقتدر على الإطلاق.
وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ به ولا يقدر أحد منهم على الإضرار من غير مشية اللّه وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ وهو حقيق ان يخاف منه كل الخوف فانه هو القادر على الإطلاق الضار النافع ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ أى باشراكه عَلَيْكُمْ سُلْطاناً دليلا نقليا من الكتاب ولا عقليا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ من الموحدين باللّه المعتقدين على ما اقتضاه العقل والنقل والمشركين به المعتقدين بما لا دليل عليه أَحَقُّ بِالْأَمْنِ من العذاب والمكاره فى الدنيا والاخرة لم يقل أينا احترازا عن تزكية النفس وايماء بان استحقاق الا من غير مختص به بل يشتمل كل موحد ففيه ترغيب لهم فى التوحيد إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ من يحق ان يخاف منه لا تخافوا الا اللّه تعالى كما أخاف دل على الجزاء ما سبق أو المعنى ان كنتم ذا علم وبصيرة فانصفوا فى الجواب عن الاستفهام.
الَّذِينَ آمَنُوا باللّه وَلَمْ يَلْبِسُوا أى لم يخلطوا إِيمانَهُمْ باللّه تعالى بِظُلْمٍ بشرك أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ من العذاب وَهُمْ مُهْتَدُونَ إلى الحق والى الجنة عن عبد اللّه بن مسعود قال انه لما نزلت هذه الآية شق ذلك على المسلمين فقالوا يا رسول اللّه فاينا لا يظلم نفسه فقال ذلك انما هو الشرك الم تسمعوا إلى ما قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بنى لا تشرك باللّه ان الشرك لظلم عظيم متفق عليه وهذه الآية استيناف من اللّه تعالى أو من ابراهيم بالجواب عما استفهم عنه حين لم يسمع منهم جوابا حقا وأخرج ابن أبى حاتم من طريق عبيد اللّه بن زحر عن بكر بن سوادة قال حمل رجل من العدو على المسلمين فقتل رجلا ثم حمل فقتل اخر ثم حمل فقتل اخر ثم قال أينفعنى الإسلام بعد هذا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نعم فدخل فيهم ثم حمل على أصحابه فقتل رجلا ثم اخر ثم قتل قال فيرون ان هذه الآية نزلت فيه الذين أمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم الآية.
وَتِلْكَ اشارة إلى ما مر من قوله تعالى فلما جن عليه الليل إلى قوله تعالى وهم مهتدون وهذا اصرح دليلا على ان ما مر من مقال ابراهيم انما كان احتجاجا على قومه لا تفكرا واستدلالا لنفسه كيف والنفوس القدسية لا يحتاجون إلى تجشم الاستدلال وقيل أراد به الاحتجاج الذي حاج نمرود على ما سبق فى سورة البقرة وهذا بعيد جدا حُجَّتُنا خبر لاسم الاشارة أو صفة له أو بدل منه آتَيْناها إِبْراهِيمَ ارشدناه إليها الجملة خبر أو خبر بعد خبر أو معترضة