ج ٣، ص : ٢٧٩
والمراد بالشياطين المتمردون من الفريقين قال قتادة ومجاهد والحسن ان من الانس شياطين والشيطان العاتي المتمرد من كل شىء قلت ويؤيده حديث جابر أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقتل الكلاب ثم نهى عن قتلها وقال عليكم بالأسود البهيم ذى النقطتين فانه شيطان رواه مسلم وقالوا ان الشيطان إذ اعياه المؤمن وعجز عن اغوائه ذهب إلى متمرد من الانس وهو شيطان الانس فاغراه بالمؤمن ليفتنه ويدل عليه ما روى عن أبى ذر قال قال لى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هل تعوذت باللّه من شر شياطين الجن والانس قلت يا رسول اللّه هل للانس من شياطين قال نعم هم شر من شياطين الجن قال مالك بن دينار ان شياطين الانس أشد من شياطين الجن وذلك لانى إذا تعوذت باللّه ذهب عنى شياطين الجن وشياطين الانس يجيئنى فيجرنى إلى المعاصي عيانا وقال عكرمة والضحاك والسدى والكلبي معنى شياطين الانس التي مع الانس وشياطين الجن التي مع الجن وليس من الانس شياطين وذلك ان إبليس قسم جنده فريقين فبعث فريقا منهم إلى الانس وفريقا منهم إلى الجن وكلا الفريقين اعداء للنبى صلى اللّه عليه وسلم ولاوليائه وهم يلتقون فى كل حين فيقول شياطين الانس لشياطين الجن أضللت صاحبى بكذا فاضل صاحبك بمثله ويقول شياطين الجن لشياطين الانس كذلك فذلك وحي بعضهم إلى بعض والاول أرجح وأشد موافقة للسياق يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ أى يوسوس شياطين الجن إلى شياطين الانس أو بعض الجن إلى بعض وبعض الانس إلى بعض زُخْرُفَ الْقَوْلِ الأباطيل المموهة غُرُوراً منصوب على العلية أو المصدرية أو مصدر فى موقع الحال يعنى لزينوا الأعمال القبيحة لبنى آدم أو يغرهم غرورا أو غارين وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ان لا يفعلوا ما فَعَلُوهُ يعنى معادات الأنبياء وايحاء الزخارف أو الغرور وهذا أيضا دليل على المعتزلة فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ عليك وعلى اللّه فان اللّه يجزيهم
وينصرك ويخزيهم
وَلِتَصْغى عطف على غرورا إن كان علة أو متعلق بمحذوف يعنى وفعلنا ذلك لتصغى أى تميل إِلَيْهِ أى إلى زخرف القول أَفْئِدَةُ أى قلوب الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ لانفسهم وَلِيَقْتَرِفُوا أى ليكتسبوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ من المعاصي ولما كانت القريش يقولون للنبى صلى اللّه عليه وسلم اجعل بيننا وبينك