ج ٣، ص : ٢٨٥
ليمكروا فيها جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها ان كان جعلنا بمعنى صيرنا فمفعولاه اما فى كل قرية وأكابر ومجرميها بدل من أكابر واما أكابر ومجرميها على تقديم المفعول الثاني على الأول وجاز ان يكون أكابر مضافا إلى مجرميها أحد مفعوليه والثاني فى كل قرية وإن كان جعلنا بمعنى مكنا فالظرف متعلق بمكنا وأكابر مضافا إلى مجرميها مفعوله وافعل التفضيل إذا أضيف جاز فيه الافراد والمطابقة وخصص الأكابر لانهم أقوى فى استتباع الناس والمكر بهم وذلك سنة اللّه تعالى حيث يجعل اتباع الرسل فى بدو الأمر ضعفائهم والمكر الخديعة كذا فى القاموس وفى الصحاح المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة وكان مكر قريش انهم اجلسوا على كل طريق من طرق مكة اربعة نفر ليصرفوا الناس عن الايمان بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ويقولون لكل من يقدم إياك وهذا الرجل فانه كاهن ساحر كذاب وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ حيث يعود إليهم وباله وَما يَشْعُرُونَ ذلك قال البغوي قال قتادة قال أبو جهل زاحمنا بنو عبد مناف فى الشرف حتى إذا صرنا كفرسى « ١ » رهان قالوا منا نبى يوحى إليه واللّه لا نومن به ولا نتبعه ابدا الا ان يأتينا وحي كما يأتيه وقيل ان الوليد بن المغيرة قال لو كانت النبوة حقا لكنت اولى به منك لانى اكبر منك سنا واكثر منك مالا فانزل اللّه تعالى
وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا يعنى كفار قريش لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ثم قال اللّه تعالى اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ « ٢ » رِسالَتَهُ قرأ ابن كثير وحفص على الافراد وفتح التاء والباقون رسالاته بالجمع وكسر التاء استيناف للرد عليهم بان النبوة ليست بالنسب والمال والسن وانما هى فضل من اللّه تعالى بمن يعلم انه أحق به قال المجدد للالف الثاني رضى اللّه عنه مبادى تعينات الأنبياء صفات اللّه تعالى من غير شائبة الظلية ومبادى تعينات غيرهم من الناس ظلال
_________
(١) فرسى رهان مثل يضرب لاثنين يستبقان إلى غاية فيستويان ٥ قاموس ٥
(٢) عن ابن مسعود ان اللّه نظر فى قلوب العباد فوجد قلب محمد خير القلوب فاصطفاه لنفسه وبعثه برسالته ثم نظر فى قلوب العباد بعد قلب محمد صلى اللّه عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما راه المؤمنون حسنا فهو عند اللّه حسن وما راه المؤمنون سيئا فهو عند اللّه سيئ ١٢


الصفحة التالية
Icon