ج ٣، ص : ٢٨٩
فى تفسير هذه الآية ان اللّه إذا أراد بقوم خيرا ولّى أمرهم خيارهم وإذا أراد بقوم شرا ولّى أمرهم شرارهم فمعنى نولى بعض الظالمين بعضا أى نسلط بعضهم على بعض فناخذ من الظالم بالظالم كما جاء من أعان ظالما سلطه اللّه عليه ويؤيد رواية الكلبي عن ابن عباس ما روى الحاكم عن صعصعة بن صوحان عن علىّ عليه السلام انه عليه السلام لما استشهد وضربه ابن ملجم قال الناس يا امير المؤمنين استخلف علينا فقال على ان يعلم اللّه فيكم خيرا بول عليكم خياركم قال على فعلم اللّه فينا خيرا فولّى أبا بكر رضى اللّه عنه وروى الظالم عدال اللّه فى الأرض ينتقم به من الناس ثم ينتقم منه بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ع من الكفر والمعاصي.
مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ
اختلفوا فى ان الجن هل أرسل إليهم منهم فسئل الضحاك عنه فقال بلى الم تسمع اللّه يقول الم يأتكم رسل منكم يعنى رسلا من الانس ورسلا من الجن قال الكلبي كانت الرسل قبل ان يبعث محمد صلى اللّه عليه وسلم يبعثون إلى الجن والى الانس جميعا يعنى إلى بعض من كل من الفريقين فانه لم يبعث إلى كافتهم الا خاتم الرسل عليه السلام وقال مجاهد الرسل من الانس والنذر من الجن ثم قرأ ولوا إلى قومهم منذرين والمراد بالنذر رسل الرسل وهم قوم من الجن يستمعون كلام الرسل فيبلغون الجن ما سمعوا وليس للجن رسل فعلى هذا قوله تعالى رسل منكم ينصرف إلى أحد الصنفين وهم الانس كما قال اللّه تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وانما يخرج من الملح دون العذب وقال وجعل القمر فيهن وانما هو فى سماء واحدة قلت الآية تدل على كون الفريقين مرسلين إليهم سواء كان الرسل من كل صنف أو من الانس فقط لكن لا مانع من كون بعض الرسل إلى الجن منهم قبل مبعث النبي صلى اللّه عليه وسلم كيف وقوله تعالى لو كان فى الأرض ملئكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا يقتضى كون الرسل إلى الجن منهم لكمال المناسبة بين الرسول ومن أرسل إليه كيف وخلقة الجن كان اسبق من آدم عليه السلام وكانوا مكلفين لكونهم من ذوى العقول ولقوله تعالى لا ملئن جهنم من الجنة والناس فلو لم يرسل إليهم حينئذ أحد لم يعذبوا لقوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فهذه الآية تدل على انه كان قبل آدم عليه السلام من الجن رسلا إليهم ومن هاهنا يظهر ان ما يدعوا أهل الهند من البرازخ ويسمونهم أوتارا ويذكرون فى تواريخهم