ج ٣، ص : ٢٩٩
نصا واجماعا ولا ما اختلط باللحم من الدم لأنه غير سائل أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ أى الخنزير لقربه رِجْسٌ أى قذر ومن هذه الآية ثبت كون الخنزير نجسا عينه ومن ثم لا يجوز بيع شىء من اجزائه ولا الانتفاع به أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ الجملة صفة لفسقا وهو معطوف على لحم خنزير وقوله فانه رجس معترض بين المعطوف والمعطوف عليه سمى اللّه سبحانه ما ذبح على اسم الصنم فسقا لتوغله فى الفسق وجاز ان يكون فسقا مفعولا له لاهل والجملة معطوفة على يكون والمستكن فيه راجع إلى ما رجع إليه المستكن فى يكون فَمَنِ اضْطُرَّ أى دعته الضرورة إلى تناول شىء من ذلك غَيْرَ باغٍ أى حال كونه غير باغ للذة وشهوة ولا باغ على مضطر مثله وَلا عادٍ أى متجاوز قدر الضرورة فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ « ١ » لا يواخذ وقد مر مثل هذه الآية فى سورة البقرة وذكرنا ما يتعلق به هناك.
(مسئلة) ذهب بعض العلماء إلى ان التحريم مقصور على هذه الأشياء لانحصار التحريم بنص الكتاب فيها ولا يجوز نسخ الكتاب بخبر الآحاد يروى ذلك عن عائشة وابن عباس وبه قال مالك فانه يطلق الكراهة على ما سوى ذلك مما ورد النهى عنها فى الحديث قالوا ويدخل فى الميتة المنخنقة والموقوذة وما ذكر فى أوائل سورة المائدة قلت دخول الموقوذة وأخواتها فى الميتة ممنوع كما ذكرنا وقال اكثر الائمة أبو حنيفة والشافعي واحمد وغيرهم لا يختص التحريم بهذه الأشياء قال البيضاوي الآية محكمة يعنى غير منسوخة لانها تدل على انه لم يجد فيما اوحى إليه إلى تلك الغاية محرما غير هذه وذلك لا ينافى ورود التحريم فى شىء اخر فلا يلزم نسخ الكتاب بخبر الواحد وهذا القول غير صحيح عندى فان كل اية أو سنة نطقت
_________
(١) قال الامام جلال الدين السيوطي فى الإتقان قال الشافعي فى هذه الآية ما معناه ان الكفار لما حرموا ما أحل اللّه وأحلوا ما حرم اللّه جاءت الآية مناقضة لغرضهم فكانه قال لا حلال الا ما حرمتموه من البحيرة والسائبة والوصيلة ونحوها يعنى من الانعام ولا حرام الا ما أحللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أحل لغير اللّه به فالاية نازلة منزلة من يقول فى جواب قول قائل لا تأكل اليوم حلاوة لا أكل اليوم الا حلاوة والغرض المصادة يعنى فى تحليل الانعام وتحريمها لا النفي والإثبات على الحقيقة قال الامام الحرمين وهذا فى غاية الحسن ١٢


الصفحة التالية
Icon