ج ٣، ص : ٣٠٥
ذلِكُمْ من الأوامر والنواهي وَصَّاكُمْ بِهِ أمركم بحفظه لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ترشدون فان كمال العقل هو الرشد وضده السفه
وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ
فضلا من ان تأكلوه أو تضيعوه بفعله إِلَّا بِالَّتِي
اى بالفعلة التي هِيَ أَحْسَنُ
ما يفعل بماله من حفظه وتثميره وصلاحه قال مجاهد هى التجارة فيه حَتَّى يَبْلُغَ
اليتيم أَشُدَّهُ
جمع شد كفلس وأفلس يعنى صفات كماله من البلوغ والرشد بعد البلوغ المنافى للسفه وقيل هى مفرد بمعنى كماله هذا القيد خرج مخرج العادة تأكيدا لا مفهوم له عند أحد فانه كان معتاد أهل الجاهلية التصرف فى ماله من ايام صباه حتى يبلغ أشده فإذا بلغ أشده منع غيره من ماله فقال اللّه تعالى لا تقربوا مال اليتيم فى شىء من زمان صباه واما بعد ذلك فلا يمكن لكم التصرف فيه لاجل ممانعته وقال البغوي تقدير الآية لا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هى احسن ابدا حتى يبلغ أشده فادفعوا إليه ماله إن كان رشيدا قلت وجاز ان يكون غاية للمستثنى يعنى افعلوا بما له الفعلة التي هى احسن حتى يبلغ أشده وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ
بالعدل والتسوية وضع الأمر موضع النهى يعنى لا تنقصوا المكيال والميزان لكمال الاهتمام فى الإيفاء فان النهى يقتضى الأمر بضده التزاما والاهتمام فى المطابقة واللّه اعلم لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
اى الا ما يسعها ولا يعسر عليها ذكر هذه الجملة بعد الأمر بالإيفاء بالقسط اشارة إلى ان الأفضل ان يعطى من عليه الحق اكثر وأفضل مما وجب عليه تجوز أو أخرج ابن مردويه بسند ضعيف من مرسل سعيد بن المسيب قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من اوفى على يده والميزان واللّه يعلم صحة نيته بالوفاء فيهما لم يواخذ وذلك تاويل وسعها قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى أداء ثمن فرس وجب عليه زن وأرجح رواه أحمد وأبو داؤد والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه عن سويد بن قيس وفى الصحيحين عن أبى هريرة ان رجلا اتى النبي صلى اللّه عليه وسلم يتقاضاه فاغلظ له فهم به بعض أصحابه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دعوه فان لصاحب الحق مقالا ثم قال أعطوه سنا مثل سنه قالوا يا رسول اللّه لا نجد الا أمثل من سنه قال أعطوه فان خيركم أحسنكم قضاء وهو عند مسلم من حديث أبى رافع بمعناه وعن أبى هريرة قال اتى النبي صلى اللّه عليه وسلم برجل يتقاضاه قد استسلف منه شطر وسق فاعطاه وسقا فقال نصف وسق