ج ٣، ص : ٣٠٨
عطف على وصيكم وثم للتراخى فى الاخبار يعنى ثم أخبركم انا اتينا موسى الكتاب أو للتفاوت فى الرتبة كأنَّه قيل ذلكم وصّاكم به قديما وحديثا ثم أعظم من ذلك انا اتينا موسى الكتاب أو عطف على قل بتقدير قل يعنى ثم قل اتينا موسى الكتاب أو يقال ثم مع الجملة يأتي بمعنى الواو كما فى قوله تعالى ثم اللّه شهيد قلت ويمكن ان يقال ان قوله تعالى وصيكم خطاب للناس أجمعين من لدن آدم عليه السلام إلى الان تغليبا للحاضرين على الغائبين وثم للتراخى فى الحكم والمعنى وصيناكم أيها الناس من بدو خلقكم بما ذكرنا من الشرائع فانها لم تزل فى جميع الشرائع ثم اتينا موسى الكتاب وشرعنا فيه احكاما اخر تَماماً للنعمة والكرامة عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ القيام بالشرائع المتقدمة واما من لم يؤمن باللّه وحده ولم يأت بالشرائع المذكورة فلا انتفاع له بالتورية ولا بالقران ولم يتم النعمة والمراد بالذي احسن موسى عليه السلام يعنى تماما عليه النعمة وقيل الذي احسن بمعنى من احسن يعم الواحد والجميع يعنى تماما على من احسن من قوم موسى يدل عليه قراءة ابن مسعود على الذين أحسنوا وقال أبو عبيدة معناه على كل من احسن يعنى اتممنا فضل موسى بالكتاب على المحسنين يعنى أظهرنا فضله عليهم والمحسنون الأنبياء وَتَفْصِيلًا بيانا مفصلا لِكُلِّ شَيْ ءٍ يحتاج إليه فى الدين وهو عطف على تماما ونصبهما مع ما عطف عليهما للعلية أو الحالية أو المصدرية وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ أى الناس فى زمن موسى يعنى بنى إسرائيل بِلِقاءِ رَبِّهِمْ أى بالبعث والثواب والعقاب يُؤْمِنُونَ وَهذا القرآن كِتابٌ أَنْزَلْناهُ عليك بعد موسى مُبارَكٌ اكثر خيرا وبركة من التورية
لوجازة نظمه وكثرة علومه وكونه بمنزلة المركز من المحيط للدائرة فَاتَّبِعُوهُ فى نسخ احكام التورية وَاتَّقُوا عذاب اللّه فى مخالفته لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ باتباعه
أَنْ تَقُولُوا خطاب لاهل مكة يعنى لئلا تقولوا أو كراهة ان تقولوا علة لانزلناه وقال الكسائي معناه واتقوا ان تقولوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا يعنى اليهود والنصارى والاختصاص بانما لأن الباقي المشهور من الكتب السماوية حينئذ لم يكن غير التورية والإنجيل وَإِنْ مخففة من الثقيلة ولذا دخلت اللام الفارقة فى خبرها كُنَّا يعنى وانه كنا عَنْ دِراسَتِهِمْ قراءتهم لَغافِلِينَ لم تعرف الشرائع لكوننا أمة أميين فبعث اللّه محمّدا صلى اللّه عليه وسلم وانزل القرآن ليكون حجة على الكافرين من أهل مكة