ج ٣، ص : ٣١٨
فِي شَيْ ءٍ
يعنى أنت بريء منهم وهم براء منك يقول العرب ان فعلت كذا فلست منى ولا انا منك إِنَّما أَمْرُهُمْ فى الجزاء والمكافاة إِلَى اللَّهِ يعنى يجزيهم على قدر تباعدهم عن الحق ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ إذا وردوا يوم القيامة يعنى يجزون اولا على تفرقهم فى دينهم وسوء اعتقادهم ثم يجزون على أفعالهم ومعاصيهم
مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها أى فله جزاء عشر حسنات أمثال ما فعل من الحسنة حذف المضاف إلى عشر وأقيم صفة الجنس المميز مقام الموصوف ولى فى هذا المقام إشكال وذلك ان جزاء الحسنات والسيئات مقدر بتقدير اللّه تعالى لا مدخل للراى فيه إذ لا مماثلة بين عمل وجزائه يعرف بالحس أو العقل أو غير ذلك فالجزاء للحسنة ما قدر اللّه تعالى له جزاء الا ترى إلى ان اجرة أجير يستاجر فى الدنيا بعمل انما يتقدر بالعقد إذ لا مماثلة بين العمل والدراهم مثلا فعلى هذا لا يتصوران يقال من عمل حسنة يعطى له جزاء عشر أمثالها الا إذا كانت تلك الحسنة تجزى فى بعض الافراد بعشر هذا الجزاء فانه ان اعطى رجل على عمل درهما واعطى اخر على تلك العمل عشرة دراهم يقال حينئذ اعطى هذا جزاء عشرة أمثال عمله واما إذا كان كل أحد مثلا يعطى على مثل تلك العمل عشرة دراهم فيكون حينئذ جزاء هذا العمل عشرة دراهم ليس الا عشرة فكيف يقال انه اعطى جزاء عشرة أمثال عمله فالظاهر عندى فى تاويل الآية انها ليست على عمومه وان جزاء كل حسنة أدناه مقدر فى علم اللّه تعالى بتقدير اللّه تعالى يعطى بعض المكلفين ذلك الأدنى ثم يضاعف اللّه تعالى ذلك الجزاء على حسب اخلاص العبد ومراتب قربه من اللّه تعالى أو تفضلا منه تعالى لمن يشاء من عباده فيضاعف من يشاء عشر أمثالها إلى سبعين أو إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء اللّه بغير حساب ويدل على ما قلت حديث أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا احسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وكل سيئة يعملها تكتب له بمثلها حتى يلقى اللّه عز وجل متفق عليه وجه الدلالة انه عليه السّلام علق التضعيف بحسن إسلامه وحسن الإسلام بتصفية القلب وتزكية النفس المستوجبان للاخلاص فى العمل ويمكن ان يقال ثواب رجل من رجال أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم عشرة أمثال ثواب رجل من الأمم
السالفة