ج ٣، ص : ٣٣٤
فى نفسه صغير وفى أعين الناس عظيم ومن تكبر وضعه اللّه لهو فى أعين الناس صغير وفى نفسه كبير حتى لهو أهون عليهم من كلب وخنزير رواه البيهقي فى شعب الايمان عن عمر وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بئس العبد تخيل « ١ » واختال ونسى الكبير المتعال رواه الترمذي من حديث اسماء وقال حديث غريب وليس اسناده بالقوى.
قالَ إبليس عند ذلك أَنْظِرْنِي أى أمهلني ولا تمتنى إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ أى الناس من قبورهم يعنى إلى النفخة الاخيرة أراد ان لا يذوق الموت.
قالَ اللّه تعالى إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ وبين اللّه سبحانه مدة هذه النظرة والمهلة فى موضع اخر فقال انك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم وهو النفخة الاولى حين يموت الخلق كلهم أو وقت يعلمه اللّه انتهاء اجله فيه وفيه دليل على ان اجابة الدعاء غير مختص باهل الإسلام والطاعة وانه لا يدل مطلقا على كون الداعي من المقبولين بل قد يكون استدراجا وفى اجابة دعائه ابتلاء العباد وتعريضهم للثواب بمخالفته.
قالَ إبليس فَبِما أَغْوَيْتَنِي الفاء للتعقيب والباء للسببية متعلق بفعل قسم مقدر وما مصدرية يعنى بعد ما أمهلتني فبسبب اغوائك إياي بواسطتهم تسمية أو حملا على الغنى أو تكليفا بما غويت لاجله اقسم بك لاجتهدن فى اغوائهم باى طريق يمكننى وليس الباء متعلقا باقعدن فان اللام يصد عنه وقيل الباء للقسم أى اقسم باغوائك إياي يعنى بقدرتك على نفاذ سلطانك فى لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ جواب للقسم أى اجلس مترصدا بهم كما يقعد القطاع للسابلة صِراطَكَ أى طريق الإسلام ونصبه على الظرف كقوله كما عسل « ٢ » الطريق الثعلب وقيل بنزع الخافض تقديره على صراطك كقولهم ضرب زيد الظهر والبطن والقعود على الطريق كناية عن كمال اجتهاده فى صدهم عن السلوك عليه الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ من جميع الجهات مثّل قصده إياهم بالتسويل والإضلال من أى جهة يمكن بإتيان العدو من الجهات الأربع ولذلك لم يقل من فوقهم ومن تحت أرجلهم قال اللّه تعالى فى الأولين من لابتداء الغاية وفى الأخريين عن لأن عن تدل على الانحراف وقيل لم يقل من فوقهم لأن الرحمة تنزل منه ولم يقل من تحتهم لأن الإتيان منه توحش
_________
(١) تخيل واختال أى تكبر الخيلاء الكبر والعجب ١٢ نهايه [.....]
(٢) عسل أى مشى سريعا ١٢