ج ٣، ص : ٣٨٠
انه العذاب فلما امسوا صاحوا بأجمعهم الا وقد مضى يومان من الاجل وحضركم العذاب فلما أصبحوا اليوم الثالث إذا وجوههم مسودة كانما طليت بالقار فصاحوا جميعا الا وقد حضركم العذاب فلما كان ليلة الأحد خرج صالح من بين أظهرهم ومن اسلم معه إلى الشام فنزل رملة فلسطين فلما أصبح القوم تكفنوا وتحنطوا والقوا أنفسهم إلى الأرض يقلبون أبصارهم إلى السماء مرة والى الأرض مرة لا يدرون من اين يأتيهم العذاب فلما اشتد الضحى من يوم الأحد اخذتهم الرجفة فاصبحوا فى ديارهم جاثمين وأتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شىء فى الأرض فتقطعت قلوبهم فى صدورهم فلم يبق منهم صغير ولا كبيرا لاهلك الا جارية مقعدة يقال لها ذريقة بنت سلف وكانت كافرة شديدة العداوة لصالح عليه السلام فانطلق اللّه رجليها بعد ما عاينت العذاب فخرجت كاسرع ما يرى شىء قط حتى أتت فرخ وهو وادي القرى فاخبرتهم بما عاينته من العذاب وما أصابت ثم استسقت من الماء فسقيت فلما أشربت ماتت وذكر السدى فى عقر الناقة قال فاوحى اللّه تعالى إلى صالح ان قومك سيعقرون ناقتك فقال لهم ذلك فقالوا ما كنا لنفعل فقال صالح انه يولد فى شهركم هذا غلام فسيعقرها فيكون هلاككم على يديه فقالوا لا يولد لنا ولد فى هذا الشهر الا قتلناه فولد عشرة قتلوا منها تسعة وبقي واحد ازرق احمر فنبت نباتا سريعا فكان إذا مر بآباء التسعة ورأوه قالوا لو كان أبنائنا احياء لكانوا مثل هذا فغضب التسعة على صالح لأنه كان سبب قتل أبنائهم فتقاسموا باللّه لنبيتنه واهله قالوا نخرج فيرى الناس انا قد خرجنا إلى سفر فناتى الغار فنكون فيه حتى إذا كان الليل وخرج صالح إلى مسجده اتيناه فقتلناه ثم رجعنا إلى الغار وكنا فيه ثم انصرفنا إلى رحالنا فقلنا ما شهدنا مهلك اهله وانا لصادقون فيصدقوننا ويظنون انا قد خرجنا إلى سفر وكان صالح لا ينام معهم فى القرية كان يبيت فى مسجد يقال له مسجد
صالح فإذا أصبح أتاهم فوعظهم وذكرهم فإذا امسى خرج إلى المسجد فبات فيه فانطلقوا فدخلوا الغار فسقط عليهم فقتلهم قال اللّه تعالى فمكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانطلق ممن قد اطلع على ذلك منهم فإذا هم رضخ فرجعوا يصيحون فى القرية أى عباد اللّه اما رضى صالح ان أمرهم بقتل أولادهم حتى قتلهم فاجتمع أهل القرية على قتل الناقة وقال ابن اسحق انما تقاسم التسعة على تبيت صالح بعد عقرهم الناقة كما ذكرنا