ج ٣، ص : ٣٨٦
ساد مسد جواب الشرط والقسم الذي وطأته اللام فى لئن اتبعتم.
فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قال الكلبي الزلزلة فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ أى مدينتهم جاثِمِينَ ميتين قال ابن عباس وغيره فتح اللّه عليهم بابا من جهنم فارسل عليهم حرا شديدا فاخذ بانفاسهم فلم ينفعهم ظل ولا ماء وكانوا يدخلون الأسراب ليتبرّدوا فيها فإذا دخلوها وجدوها أشد حرا من الظاهر فخرجوا هرابا إلى البرية فبعث اللّه سحابة فيها ريح طيبة فاظلتهم وهى الظلة فوجدوا لها بردا ونسيما فنادى بعضهم بعضا حتى اجتمعوا تحت السحابة رجالهم ونسائهم وصبيانهم فالهب اللّه تعالى عليهم نارا وجفت بهم الأرض فاحترقوا كما يحترق الجراد المقلى وقال يزيد الجريري سلط اللّه عليهم الريح سبعة ايام ثم سلط عليهم الحر ورفع عليهم جبل من بعيد فاتاه رجل فإذا تحته انهار وعيون فاجتمعوا تحته كلهم فوقع ذلك الجبل عليهم فذلك يوم الظلة قال قتادة بعث اللّه شعيبا إلى اصحاب الايكة واهل مدين فاما اصحاب الايكة فاهلكوا بالظلة واما اصحاب مدين فاخذتهم الرجفة صاح بهم جبرئيل صيحة فهلكوا جميعا.
الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً مبتدأ خبره كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أى استوصلوا كان لم يقيموا ولم ينزلوا فيها من قولهم غنيت بالمكان إذا أقمت به والمغانى المنازل واحدها مغنى الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ دنيا ودينا الا الذين صدقوه واتبعوه كما زعموا فانهم الرابحون فى الدارين وللتنبيه على وجه الاختصاص والمبالغة فيه كرر الموصول ولم يكتف بالعطف واستأنف بالجملتين واتى بهما اسميتين.
فَتَوَلَّى أى اعرض عَنْهُمْ شعيب شاخصا بين أظهرهم حين أتاهم العذاب وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ قال ذلك تأسفا بهم بشدة حزنه عليهم ثم أنكر على نفسه فقال فَكَيْفَ آسى احزن عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ فانهم ليسوا أهلا لأن يحزن عليهم لاستحقاقهم ما نزل بهم أو قاله اعتذارا عن شدة حزنه عليهم يعنى بعد ما بلغت فى الإبلاغ والنصيحة لما لم يتبعونى واثروا لانفسهم العذاب فكيف اسى عليهم.
وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ فيه إضمار يعنى فكذبوه إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ أى الفقر وَالضَّرَّاءِ أى المرض كذا قال البغوي عن ابن مسعود وقيل البأساء الحرب والضراء الجدب لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ لكى يتوبوا إلى اللّه يتضرعوا من هاهنا يظهر بطلان قول من قال ان عسى وكاد ولعل من اللّه واجبة الوقوع.