ج ٣، ص : ٣٩٧
محمد بن اسحق دخل كلام بعضهم فى بعض لما امنت السحرة ورجع فرعون وقومه مغلوبا أبى هو وقومه لا الاقامة على الكفر والتمادي فى الشر فتابع اللّه عليهم الآيات وأخذهم بالسنين ونقص من الثمرات فلما عالج منهم بالآيات الأربع العصا واليد والسنين ونقص من الثمرات فابوا ان يؤمنوا فدعا عليهم موسى عليه السلام فقال يا رب ان عبدك فرعون علا فى الأرض وطغى وعتى وان قومه قد نقضوا عهدك فخذهم بعقوبة تجعلها لهم نقمة ولقومى عظة ولمن بعدهم اية وعبرة فبعث عليهم الطوفان وهو الماء أرسل اللّه عليهم المطر وبيوت بنى إسرائيل وبيوتهم مشتبكة مختلطة فامتلأت بيوت القبط حتى قاموا فى الماء وركد الماء على أراضيهم لا يقدرون على ان يحرثوا ولا يزرعوا شيئا ودام ذلك عليهم سبعة ايام من السبت إلى السبت وقال مجاهد وعطاء الطوفان الموت كذا أخرج ابن جرير عن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وقال وهب الطوفان الطاعون بلغة اليمن وقال أبو قلابة الطوفان الجدري وهم أول من عذبوا به فبقى فى الأرض وقال مقاتل الطوفان الماء طفا فوق حروثهم وروى أبو ظبيان عن ابن عباس قال الطوفان امر من اللّه عز وجل طاف بهم ثم قرأ فطاف عليهم طائف من ربك وهم نائمون قال نحاة الكوفة الطوفان مصدر لا يجمع كالرجحان والنقصان وقال أهل البصرة هو جمع واحدها طوفانة فقالوا لموسى ادع لنا ربك يكشف عنا المطر فنؤمن بك ونرسل معك بنى إسرائيل فدعا ربه فكشف الطوفان فانبت اللّه لهم فى تلك السنة شيئا لم ينبت قبل ذلك من الكلأ والزروع والثمار وأخصبت بلادهم فقالوا ما كان هذا الماء الا نعمة علينا وخصبا فلم يومنوا وقاموا شهرا فى عافية فبعث اللّه عليهم الجراد وأكل عامة زروعهم وثمارهم وأوراق الشجر حتى كانت تأكل الأبواب وسقف البيت والخشب والنبات والامتعة ومسامير الأبواب من الحديد حتى يقع دونهم وابتلى الجراد بالجوع فكانت لا تشبع ولا
يصيب بنى إسرائيل شىء من ذلك فعجوا « ١ » وضجوا « ٢ » وقالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك واعطوا عهد اللّه وميثاقه فدعا موسى فكشف اللّه عنهم الجواد بعد ما اقام عليهم سبعة ايام من السبت إلى السبت وفى الخبر مكتوب على صدر كل جراد جند اللّه الأعظم ويقال ان موسى برز إلى الفضاء فاشار بعصاه نحو المشرق والمغرب فرجعت الجراد من حيث
_________
(١) العج رفع الصوت ١٢
(٢) الضج الصياح عند المكروه والمشقة والجزع ١٢