ج ٣، ص : ٤٠٤
ان تستغفر لهم سبعين مرة وحتى نزل ولا تصل على أحد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره كل ذلك لعدم اطلاعهم على عدم وقوع الاستجابة مع كفر المدعو لهم واستدل نفاة الروية بقوله تعالى لن ترانى قالوا لن للتأبيد قلنا ليس كذلك بل هى لتاكيد نفى الروية المسئولة فى الدنيا الا ترى ان قوله تعالى ولن يتمنوه ابدا اخبار عن اليهود وقد أخبر عن الكفرة بتمنيهم الموت فى الاخرة حيث قال ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك وقال يا ليتها كانت القاضية ويقول الكفر يليتنى كنت ترابا والقول بان سوال موسى عليه السلام الروية كان لتبكيت قومه حين قالوا أرنا اللّه جهرة خطأ فاحش فان ذلك وقعة اخرى وقد عذبهم اللّه تعالى على ذلك القول فاخذتهم الصاعقة بظلمهم حيث لم يكونوا مستحقين لها ولم يكن أحدا من قوم موسى معه حين كلمه اللّه تعالى وأعطاه التورية وسأل ربه الروية ولم يعاتب على موسى على ذلك السؤال لاستحقاقه وانما نفى الروية لعدم احتمالها للنية الدنيوية وقال ولكن انظر إلى الجبل الآية وأيضا لو كانت الروية ممتنعة وكان هذا السؤال لتبكيت قومه لوجب على موسى ان تجهلهم ويزيح شبهتهم كما فعل بهم حين قالوا اجعل لنا الها وكيف يتبع موسى سبيلهم لو كان ممتنعا وقد قال لاخيه ولا تتبع سبيل المفسدين وقوله تعالى ولكن انظر إلى الجبل فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي استدراك يريد ان يبين به انه لا يطيقه كما لا يطيق الجبل وفى تعليق الروية بالاستقرار أيضا دليل على الجواز ضرورة ان المعلق على الممكن ممكن قال وهب وابن اسحق لما سأل موسى ربه الروية أرسل اللّه الضباب « ١ » والصواعق والظلمة والرعد والبرق وأحاطت بالجبل الذي عليه موسى إلى اربعة فراسخ من كل جانب وامر اللّه تعالى ملئكة السموات ان يعترضوا على
موسى فمرت به ملئكة السماء الدنيا كثيران « ٢ » البقر تتبع أفواههم بالتسبيح والتقديس بأصوات عظيمة كصوت الرعد الشديد ثم امر اللّه ملئكة السماء الثانية ان اهبطوا على موسى فاعترضوا عليه فهبطوا عليه أمثال الأسود لهم لجب « ٣ » بالتسبيح والتقديس ففزع العبد الضعيف ابن عمران مما راى وسمع واقشعرت كل شعرة فى راسه وجسده ثم قال لقد ندمت على مسألتى فهل يجنبنى من مكانى الذي انا فيه شىء فقال خير الملئكة وراسهم يا موسى اصبر لما سألت فقليل من كثير ما رأيت ثم امر اللّه تعالى ملئكة السماء الثالثة ان اهبطوا على موسى واعترضوا عليه فهبطوا أمثال الأسود لهم قصف « ٤ »
_________
(١) الضباب أى السحاب الرقيق ١٢
(٢) كثيران جمع ثور أى الذكر من البقر ١٢
(٣) لجب الصياح واضطراب موج البحر ١٢ قاموس
(٤) قصف أى كسر وقصف الرعد أى صار صوته شديدا ١٢ [.....]


الصفحة التالية
Icon