ج ٣، ص : ٤٠٩
ما يلين قلبه من الثواب والعقاب وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ أى تبيانا لكل شىء من الأمر والنهى والحلال والحرام والحدود والاحكام بدل من الجار والمجرور أى كتبنا كل شىء من المواعظ وتفصيل الاحكام فَخُذْها عطف على كتبنا بإضمار القول أو بدل من قوله فخذ ما أتيتك والضمير راجع إلى الألواح أو إلى كل شىء فانه بمعنى الأشياء أو للرسالات بِقُوَّةٍ أى بجد واجتهاد وقيل بقوة القلب وصحة العزيمة لأنه إذا اخذه بضعف النية رده إلى الفتور وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها أى بما هو بالغ فى الحسن مطلقا وليس افعل للتفضيل بالاضافة فان كل ما هو فى كتاب اللّه حسن بالغ فى الحسن لا يحتمل النقيض ولا يجوز ان يكون شىء احسن منه فهو كقولهم الصيف أحر من الشتاء كذا قال قطرب وقال عطاء عن ابن عباس يحلوا حلالها ويحرموا حرامها ويتدبروا ويتعظوا بامثالها ويعملوا بحكمها ويقفوا عند متشابهها وقيل المراد بأحسنها الفرائض والنوافل يعنى ما يستحق عليه الثواب وما دونها المباح لأنه لا يستحق عليها الثواب وقيل بالعزيمة دون الرخصة وبأحسن الامرين فى كل شىء كالعفو احسن من القصاص والصبر احسن من الانتصار سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ تحذيرا من ان لا تأخذوا بكتاب اللّه تعالى فتكونون مثلهم والمراد بدار الفاسقين دار فرعون وقومه بمصر خاوية على عروشها كذا قال عطية العوفى وقال السدى مصارع الكفار وقال الكلبي وقتادة ما مروا عليه إذا سافروا من منازل عاد وثمود والقرون الذين اهلكوا وقال مجاهد والحسن وعطاء دار الفاسقين مصيرهم فى الاخرة يعنى جهنم.
سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ قرأ ابن عامر وحمزة بإسكان الياء والباقون بفتحها والمعنى ساصرف عن التفكر فى آياتي التي فى الآفاق والأنفس وعن الاعتبار بها وقيل معناه ساصرفهم عن ابطال آياتي المنزلة والمعجزات وان يطفئوا نور اللّه بأفواههم كما فعل فرعون فعاد عليه باعلائها أو باهلاكهم واللّه متم نوره ولو كره الكافرون أو المعنى ساصرف عن قبول آياتي المنزلة فى الكتاب والتصديق بها بالحرمان عن الهداية لعنادهم الحق نظيره قوله تعالى فلما زاغوا أزاغ اللّه قلوبهم كذا قال ابن عباس وقال سفيان سامنع عن فهم القرآن ودرك عجائبه الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ ويتجبرون على عبادى ويحاربون أوليائي بِغَيْرِ الْحَقِّ صلة يتكبرون أى يتكبرون بما ليس بحق وهو دينهم الباطل أو حال من فاعله فحكم الآية عام بجميع الكفار وقيل حكم الآية خاص وأراد بالآيات الآيات التسع التي أعطاها اللّه تعالى


الصفحة التالية
Icon