ج ٣، ص : ٤٢٤
اى عن ترك ما نهوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ أى مبعدين امر تكوين وتسخير والظاهر يقتضى ان اللّه تعالى عذبهم أو لا بعذاب شديد فعتوا بعد ذلك فمسخهم ويجوز ان يكون الآية الثانية تقريرا وتفصيلا للاولى وقيل المراد بقوله تعالى وإذ قالت أمة منهم لم تعظون ان الفرقة الصالحة الواعظة قالت بعضهم لبعضهم لم تعظون مبالغة فى ان الوعظ لا ينفع فيهم تحسرا فاجابوا فيما بينهم وقالوا معذرة إلى ربكم أو قال من ارعوى عن الوعظ منهم لمن لم يرعوا منهم وقيل معنى الآية قالت أمة منهم يعنى الهالكة للفرقة الصالحة الواعظة لم تعظون قوما اللّه مهلكهم على زعمكم قالوا ذلك تهكما واستهزاء بهم فقالوا أى الصالحون معذرة إلى ربكم لكن هذا المعنى يابى عنه ضمير الغائب فى قولهم لعلهم يتقون بل كان المناسب على هذا ان يقولوا لعلكم تتقون روى ان الناهين لما ايسوا عن اتعاظ المعتدين كرهوا مساكنتهم فقسموا القرية بجدار للمسلمين باب وللمعتدين باب ولعنهم داود عليه السلام وأصبح الناهون ذات يوم ولم يخرج من المعتدين أحد فقالوا ان لهم لشانا فدخلوا عليهم فاذاهم قردة فلم يعرفوا انسبائهم ولكن القرود تعرفهم فجعلت القرود تأتي انسبائهم وتشمهم فتشم ثيابهم وتدور باكية حولهم فيقولون الم ننهيكم فتقول القردة برأسها نعم فمكثوا ثلثة ايام ينظر بعضهم إلى بعض وينظر إليهم الناس ثم ماتوا.
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ تفعل من الاذن ومعناه العزم المصمم الذي لا يتخلف لأن العازم على الشيء يوذن نفسه بفعله ولذلك اجرى مجرى فعل القسم كعلم اللّه وشهد اللّه ولذلك أجيب بجوابه وقال ابن عباس معنى تأذن ربك قال ربك وقال مجاهد امر ربك وقال عطاء حكم ربك وعلى الأقوال غير الأول لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ جواب قسم محذوف أى واللّه ليسلطن اللّه تعالى على اليهود إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ بالقتل والضرب والسبي وأخذ الجزية فبعث اللّه عليهم سليمان وبعده بخت نصر فخرب ديارهم وقتل مقاتلتهم وسبى نسائهم وذراريهم وضرب الجزية على من بقي منهم فكانوا يؤدونها إلى المجوس حتّى بعث اللّه محمدا صلى اللّه عليه وآله وسلم فقتل بنى قريظة وسبى نسائهم وذراريهم وأجلا بنى نضير وبنى قينقاع وأجلا عمر عن خيبر وفدك وامر اللّه سبحانه بقتالهم إلى يوم القيامة حتى يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ لمن عصاه ولذا عاقبهم فى الدنيا وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ لمن تاب وأمن.
وَ


الصفحة التالية
Icon