ج ٣، ص : ٤٣٥
على ان المهتدين كواحد لاتحاد طريقهم بخلاف الضالين والاقتصاد فى الأخيار عمن هداه اللّه بالمهتدي تعظيم لشان الاهتداء وتنبيه على انه فى نفسه كمال جسيم ونفع عظيم لو لم يحصل له غيره لكفاه وانه المستلزم للفوز بالنعم الاجلة والعنوان لها عن عمر بن الخطاب انه خطب بالجابية فحمد اللّه واثنى عليه ثم قال من يهده اللّه فلا مضل له ومن يضلل اللّه فلا هادى له فقال له قس بين يديه كلمة بالفارسية فقال عمر لمترجم له ما يقول قال يزعم ان اللّه لا يضل أحدا فقال عمر كذبت يا عدو اللّه بل اللّه خلقك وهو اضلك وهو يدخلك النار ان شاء اللّه تعالى ولو لا ان بيننا عقد لضربت عنقك فتفرق الناس وما يختلفون فى القدر.
وَلَقَدْ ذَرَأْنا أى خلقنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ يعنى المصرين على الكفر فى علمه تعالى عن عائشة عنه صلى اللّه عليه وآله وسلم ان اللّه خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم فى أصلاب ابائهم وخلق النار وخلق لها أهلا وهم فى أصلاب ابائهم رواه مسلم ونحو ذلك فيما مر من حديث إخراج الذرية من صلب آدم وعن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وفى يديه كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان قلنا لا يا رسول اللّه الا ان تخبرنا فقال للذى فى يده اليمنى هذا كتاب من رب العالمين فيه اسماء أهل الجنة واسماء ابائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ابدا ثم قال للذى فى شماله هذا كتاب من رب العالمين فيه اسماء أهل النار واسماء ابائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ابدا فقال أصحابه ففيم العمل يا رسول اللّه ان كان امر قد فرغ منه قال سددوا وقاربوا فان صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وان عمل اىّ عمل وان صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وان عمل اىّ عمل ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بيديه فنبذهما ثم قال فرغ ربكم من العباد فريق فى الجنة وفريق فى السعير رواه الترمذي فان قيل كيف التوفيق بين هذه الآية وو بين قوله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون قلنا خلق الجن والانس كلهم للعبادة من حيث نفس الخلق واصل الحكمة فى خلق العالم من غير ملاحظة علم اللّه فيهم اختيار الكفر وخلق كثيرا من الجن والانس لجهنم نظرا إلى انه تعالى علم منهم اختيار الكفر وحق القول منه لا ملئن جهنم من الجنة والناس أجمعين ولا منافاة بين الحيثيتين وما قيل ان قوله تعالى ما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وان كان عاما صيغة لكن أريد به الخصوص يعنى من علم منهم الايمان والطاعة فليس بشئ وقول المعتزلة بان
هذا لام العاقبة أى ليكون عاقبتهم جهنم فلما كان عاقبتهم جهنم جعل كانهم خلقوا لها قرارا عن ارادة اللّه المعاصي عدول عن الظاهر لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ


الصفحة التالية
Icon