ج ٤، ص : ١٧
ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون عن يمينك وشمالك وبين يديك وخلفك والذي بعثك بالحق لو سرت بنا برك الغماد لجالدنا « ١ » معك من دونه حتى نبلغه فاشرق وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال له خيرا ودعا له ثم استشارهم ثالثا ففهمت الأنصار انه يعينهم وذلك انه عدد الناس فقام سعد بن معاذ جزاه اللّه خيرا فقال يا رسول اللّه كانك تعرض بنا قال أجل فقال سعد يا رسول اللّه قد أمنا بك وصدقناك وشهدنا ان ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض لما أردت ولعلك يا رسول اللّه تخشى ان يكون الأنصار لا ينصروك الا في ديارهم وانى أقول عن الأنصار وأجيب عنهم فاظعن حيث شئت وصل حبل من شئت واقطع حبل من شيئت وخذ من أموالنا ما شئت وأعطنا ما شئت وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت وما أمرت فيه من امر فامر فاتبع لامرك فو اللّه لئن سرت حتى تبلغ برك من عمدان وفي رواية برك الغماد من ذى يمن لنسيرن معك وو اللّه لو استعرضت بنا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره ان نلقى عدونا غدا انا بصير في الحرب لعل اللّه يريك منا ما تقربه عينك ولعلك خرجت لامر فاحدث اللّه غيره فسر بنا على بركة اللّه فنحن عن يمينك وشمالك وبين يديك وخلفك ولا نكونن كالذين قالوا لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكم متبعون فاشرق وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم بقول سعد رضى اللّه عنه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم سيروا على بركة اللّه وابشروا فان اللّه وعد احدى الطائفتين واللّه لكانى الان انظر إلى مصارع القوم وكره جماعة لقاء العدو كما قال اللّه تعالى وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥) قال البيضاوي وغيره هذه الجملة في محل النصب على الحال من كاف اخرجك أى اخرجك من بيتك في حال كراهتهم خروجك
قلت والظاهر انه استيناف ولا يجوز ان يكون في موضع الحال لوجوب اتحاد زمان الحال وصاحبه ولا شك انهم انما كرهوا الخروج إذا اتفق لهم القتال مع النضير واما وقت الخروج فكانوا راغبين في الخروج إلى العير طمعا في المال مع عدم القتال
_________
(١) الجالد المضاربة بالسيوف ١٢