ج ٤، ص : ٤١
شهد بدر أو الحديبية قالت قلت أليس اللّه يقول وان منكم الا واردها قال اما سمعته يقول ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا وروى مسلم والترمذي عن جابر ان عبد اللّه بن حاطب جاء إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم يشكوا حاطبا إليه فقال يا رسول اللّه ليدخلن حاطب النار قال كذبت لا يدخلها فانه شهد بدر أو الحديبية وفي الصحيحين عن على قصة كتاب حاطب بن بلتعة وقول عمر يا رسول اللّه اضرب عنقه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم أليس من أهل بدر ولعل اللّه اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وقال فقد وجبت لكم الجنة وقد ذكرنا الحديث في سورة الفتح وسورة الممتحنة وروى البخاري عن أنس قال أصيب حارثة بن زيد يوم بدر فجاءت امه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم فقالت يا رسول اللّه قد عرفت منزلة حارثة منى فان يك في الجنة اصبر واحتسب وان يك الاخرى فترى ما اصنع قال ويحك أو جنة واحدة هى انها جنان كثيرة وانه فى الفردوس وفي رواية عند غير البخاري عن أنس ان حارثة كان في النظارة وفيه ان ابنك أصاب الفردوس الأعلى ففيه تنبيه عظيم على فضل أهل بدر فانه لم يكن في بحجة القتال ولا في حومة الغوائل بل كان من النظارة من بعيد وانما أصابه سهم غرب وهو يشرب من الحوض ومع هذا أصاب جنة الفردوس التي هى أعلى الجنة وأوسطها ومنها تفجر انهار الجنة فإذا كان هذا حاله فما ظنك بمن كان في نحر العدد وهم على ثلثة أضعافهم عددا وعددا واستشكل قوله صلى اللّه عليه وسلّم اعملوا ما شئتم فان ظاهره للاباحة وهو خلاف عقد الشرع فقيل انه اخبار عن مغفرة الذنوب الماضية يدل عليه قوله قد غفرت لكم بصيغة الماضي ورد هذا القول بانه لو كان للماضى لما صح الاستدلال في قصة حاطب بن بلتعة لأنه صلى اللّه عليه وسلّم خاطب عمر منكرا عليه ما قال في امر حاطب فان هذه القصة كانت بعد بدر بست سنة فدل على ان المراد
مغفرة الذنوب المستقبلة وانما أورد بلفظ الماضي مبالغة في تحققه والصحيح ان قوله صلى اللّه عليه وسلّم اعملوا للتشريف والتكريم
والمراد عدم المؤاخذة بما يصدر عنهم وانهم خصوا بذلك لما حصل لهم من الحال العظيم التي اقتضت محو ذنوبهم السابقة وتأهلوا لأن