ج ٤، ص : ٤٦
الكتاب وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) بعد ظهور الحق عنادا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم ان أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل أهل النار فيدخلها الحديث متفق عليه عن ابن مسعود قال البغوي وقيل انهم كانوا يقولون للنبى صلى اللّه عليه وسلّم احى لنا قصيا فانه كان شيخا مباركا حتى يشهد لك بالنبوة فنؤمن بك فقال اللّه تعالى ولو أسمعهم كلام قصى لتولوا وهم معرضون.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ يعنى أجيبوا هما بالطاعة إِذا دَعاكُمْ الرسول أفرد الضمير لما ذكرنا ولان دعوة اللّه يسمع من الرسول لِما يُحْيِيكُمْ قال السدى أى الايمان لأن الكافر ميت وقال قتادة هو القرآن فيه الحيوة وبه النجاة والعصمة في الدارين وقال مجاهد الحق وقال ابن إسحاق هو الجهاد حيث أعزكم اللّه به بعد الذل وقال القتيبي هو الشهادة قال اللّه تعالى بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين قلت والاولى ان يقال هو كل ما دعى له الرسول صلى اللّه عليه وسلّم والتقيد ليس للاحتراز بل للمدح والتحريض فان طاعة الرسول في كل امر يحى القلب وعصيانه يميته والمراد بحياة القلب طرد الغفلة عنه بخرق الحجب ودفع الظلمة روى الترمذي والنسائي من حديث أبى هريرة ان النبي صلى اللّه عليه وسلّم مر على أبى بن كعب وهو يصلى فدعاه فعجل أبى في صلوته ثم جاء فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم ما منعك ان تجيبنى إذا دعوتك قال كنت في الصلاة قال أليس اللّه تعالى يقول يايّها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم فقال لا جرم يا رسول اللّه لا تدعونى الا أجبتك وان كنت مصليا وهذا الحديث يؤيد ما قلت بوجوب الاجابة لكل ما دعى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم.
(مسئلة) قيل اجابة الرسول لا يقطع الصلاة وقيل دعائه إن كان لامر لا يحتمل التأخير فللمصلى ان يقطع الصلاة لاجله والظاهر هو المعنى الأول والا فقطع الصلاة يجوز لكل امر دينى مهم يفوت بالتأخير كالاعمى يقع في البير وهو يصلى لو لم يقطعها ولم يرشده واللّه اعلم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ أى يميته