ج ٤، ص : ٥٥
البزار عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلّم يخرج لابن آدم ثلثة دواوين ديوان فيه العمل الصالح وديوان فيه ذنوبه وديوان فيه النعم من اللّه فيقول اللّه لاصغر نعمه في ديوان النعم خذى منك من عمله الصالح فتستوعب العمل الصالح فيقول وعزتك ما استوفيت وتبقى الذنوب والنعم وقد ذهب العمل الصالح كله فإذا أراد اللّه ان يرحم عبدا قال يا عبدى قد ضاعفت لك حسناتك وتجاوزت عن سياتك ووهبت لك نعمتى وأخرج الطبراني عن واصلة بن الأسقع يبعث اللّه يوم القيامة عبدا لا ذنب له فيقول اللّه تبارك وتعالى إلى الامرين أحب إليك ان اجزى بعملك أو بنعمتي عليك قال يا رب أنت اعلم انى لم اعصك قال خذوا عبدى بنعمة من نعمى فما تبقى له حسنة الا استغرقتها تلك النعمة فيقول بنعمتك ورحمتك ومن هاهنا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم انه لا ينجى أحدا منكم عمله قالوا ولا أنت يا رسول اللّه قال ولا انا الا ان يستغمدنى اللّه برحمة منه وفضل متفق عليه من حديث أبى هريرة وفي الصحيحين عن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه وسلّم قال سددوا وقاربوا وابشروا فانه لا يدخل الجنة أحدا عمله قالوا ولا أنت يا رسول اللّه قال ولا انا الا ان يتغمدنى اللّه برحمته واليه أشار اللّه سبحانه بقوله وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩) يعنى ما وعدتكم على التقوى ليس مما يوجب ذلك علينا تقويكم بل انما هو تفضل واحسان كالسيد إذا وعد انعاما لعبده على عمل واجب عليه وان لم ينعم السيد ذلك وقيل معنى يكفر عنكم سيئاتكم يعنى الصغائر ويغفر لكم يعنى ذنوبكم الكبائر.
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا عطف على قوله إذا أنتم قليل يعنى اذكروا إذ يمكر بك الذين كفروا وإذ قالوا اللهم فان هذه السورة مدنية وهذا المكر والقول كان بمكة روى ابن إسحاق وعبد الرزاق واحمد وابن جرير وأبو نعيم وابن المنذر والطبراني عن ابن عباس وعبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ان قريشا لما أسلمت الأنصار رأت ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم قد كانت له شيعة وأصحابا من غير بلدهم ورأوا خروج أصحابه المهاجرين إليهم عرفوا انهم نزلوا دارا وأصابوا جوارا ومنعة فحذروا خروج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم


الصفحة التالية
Icon